الإعلانات السورية: ذاكرةٌ مليئةٌ بالمواد السّيّئة

الإعلانات السورية: ذاكرةٌ مليئةٌ بالمواد السّيّئة

راديو ألوان - صح اللون

جيل التّسعينات في سوريا ومن تجاوزوا سنّ الخامسة عشر إلى حدٍ ما، لا تزال ذاكرتهم تباغتهم، بين الحين والأخر، بموسيقى إعلانٍ كان يُبَث على الشّاشة السّوريّة في سنوات لم يكن أمام المشاهد المحليّ فيها إلا قناتين مملوكتين من الحكومة السّوريّة، وتبثّان بتقنيات البثّ الأرضيّ التّقليدي، ويذكر هذا الجيل ومن هو أكبر منه بطبيعة الحال، أنّ الوقت بين التّاسعة مساءً والتّاسعة والنصف من كل يوم، كانت فترة الإعلانات التي لا بدّ من متابعتها بانتظار مسلسل السّهرة اليوميّ.

تقول الأساليب التي تُصنعُ بموجبها الإعلانات، أنّ عليك أن تنتج واحداً من إعلانيين كي تُحدث الأثر المطلوب لدى المستهلك، إما اعلان فائق الجمال والذكاء، أو إعلان مزعج سيّء يُكرّر كثيراً، فيترسّخ في بال المشاهد.

ويجمع متابعو الإعلانات السّوريّة على أنّ الأسلوب الثّاني ربما كان معتمداً لدى المنتجين السوريّين الرّاغبين بصناعة إعلاناتهم للجمهور السّوري، فرغم وجود استثناءاتٍ في المشهد التّسويقي في البلاد، إلا أنّ الغالب هو التّركيز على ألحان أغانٍ شهيرة، وإعادة إنتاج الكلمات، وذلك مع فتياتٍ كثيراتٍ يتمايلن بلا أيّ رابطٍ بين حركاتهنّ وبين المُنتَج، لتكون أمام إعلانٍ تلفزيونيٍّ يُبثُّ يوميّاً.

مع مطلع الألفية، سُمح للإذاعات الخاصّة بالعمل في البلاد، بعض الإذاعات الوليدة كانت منصّة إعلانيّة لا إعلاميّة، فبات المستمع السّوريّ يسمع ما هبّ ودبّ من الإعلانات السّيّئة فنّيّاً، والتي تأتيه، كلّ نصف ساعة، بين الأغاني والفترات البرامجية.

من جديد، يعتمد المُنتِج على التّكرار المستمرّ لمادّةٍ إعلانيّةٍ قليلة الجودة، فقط كي يَعلَقَ اسمُ المنتج في ذهن المُستمع، بغضّ النّظر عن مشاعره تجاه المُنتَج، أو حتّى رغبته في الشّراء، التي عادت ما تكون مُستقلّةً عن الإعلان نفسه.

تعتمد شركاتٌ كبيرةٌ في العالم على الإعلانات كي توصل منتجها إلى المستهلكين، في بلدان تشهد منافسة حقيقيّة بين المُصنِّعين، إلا أنّ سوريا التي سيطر على قطاعات إنتاجها القطاع العام قبل التّسعينات، ثمّ الشّركات الإحتكاريّة بعد بداية الألفيّة، فلم تكن سوقاً ضخماً لصناعة الإعلان، حيث أنّ الشّركات والمصانع والمعامل وأصحاب الأعمال التّجاريّة، لا يحتاجون من الإعلان أكثر من إشهار الاسم، وليس الدّفع للشراء، فمُنتجُهُم وحيدٌ في السّوق لا شبيه له، وعمليّة البيع ستتمُّ مع إعلانٍ أو من دونه.

خير مثالٍ على هذا شركات الهواتف النّقّالة في البلاد، والتي تنفق الملايين على الإعلانات، بكافّة أشكالها وفي كافّة وسائل الإعلام والإعلان في سوريا، رغم عدم حاجة شركة مثل "سيريتيل" لأيّ إعلاناتٍ تقريباً، وهي المُسيطرة مع شقيقتها "إم تي إن"، على السّوق بشكلٍ كامل، وعدم وجود أيّ منافسة بينهما في الأسعار أو العروض.

بالعودة للذّاكرة، فقد شارك مستمعو برنامج صح اللون، في هذا الملف بما تذكروه من إعلاناتٍ، وهي في معظمها تلك السّيّئة من حيث القيمة الفنّيّة، وبعضها يعود عمره لأكثر من عشرين عاماً.

ربّما يكون المُنتِج قد نجح في جعل المتابع يحفظ اسمه عن ظهر قلب، لكنّه بالتّأكيد لم يستطع كسب احترامه، وفشل في جعله زبوناً دائماً من الممكن أن يعتمدَ عليه ضمن الخطط الإنتاجيّة والتّسويقيّة.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +