هل نكذب على مواقع التّواصل الاجتماعي، أم أنّنا حقيقيّون أكثر؟

هل نكذب على مواقع التّواصل الاجتماعي، أم أنّنا حقيقيّون أكثر؟

راديو ألوان - صح اللون 

بين شخصيّتين على الأقل، بات معظمنا على مواقع التّواصل الاجتماعي، يعيش متنقّلاً بينهما، باحثاُ عن مساحةٍ لا توفّرها لنا الحياة الحقيقية، او محاولاً أن يعكس صورة أفضل لنفسه، بالذّات في عيون الأخرين، فيما يفرض الواقع السّياسيّ العربيّ على كثيرين أن يظهروا بأسماء مستعارة ووهميّة؛ كي يتمكّنوا من التّعبير عن توجّهاتهم السّياسيّة والأجتماعيّة بحرّيّة أكبر على مواقع التواصل الاجتماعي.

البشر ألماس

يقول مؤسّس موقع " فور شان "، وهو موقع تواصل اجتماعي إنه "من الخطأ أن نفترض أنّ الشخص يضع هويّته الحقيقيّة على شبكات التّواصل الاجتماعيّة، مضيفاً بأنّ  المشكلة هي أنّ فيس بوك "يوهمك أنّ حسابك مرآةٌ لشخصيّتك، ولكن في الحقيقة نحن كبشرٍ نشبه قطع الألماس، لدينا أكثر من وجه".

وجهة النّظر السّابقة يدعمها كثيرون، إذ من غير الممكن لمجموعة من الصّور والنّصوص والفيديوهات أن تنقل حياتنا أو تعكس شخصيّتنا كاملةً، وحتّى الآخر، فالحياة الإفتراضيّة، في النّهاية، هي افتراضٌ فيه كلّ الاحتمالات، وفيما الحياة الحقيقية تتيح لنا التّعرّف على بعضنا أكثر، ونقل أفكارنا بوضوح أكبر.

لكنّ آخرين يرون في الفكرة السّابقة تغييباً لحقيقةٍ لا يمكن نكرانها، هي أنّنا، وبنسبٍ متفاوتة، لدينا حياة سرّيّة لا نُفصح عنها لأقرب المُقرّبيين، وبالتّالي تتيح مواقع التّواصل الاجتماعيّ والدّردشة والتّعارف مساحةً لنا كي نعيش حياةً سرّيّة وآمنة، بعيداً عن أعين الفضوليّين والعابثيين.

هل هي أفضل؟

تغصُّ مواقع التّواصل الاجتماعي، بالذّات التي يستخدمها السّوريّون، بالكثير من الأسماء الوهميّة، ورغم أنّ شركة "فيس بوك" حاولت سابقاً ان تحدّ من انتشار الحسابات الوهميّة، وتطلب أرقام هواتف كي تتأكّد من صحّة هويّة المستخدمين، إلا أنّ ذلك لم يوقف الحسابات الوهمية عن الظهور وبشكلٍ يوميٍّ على الشبكة.

ويتحدث مستخدمو الحسابات الوهميّة بحرّيّةٍ أكبر في مواضيع السّياسية والدّين والجنس، الثّالوث المُقدّس في الواقع، بات مباحاً في الحياة الافتراضيّة، وتستطيع اليوم أن تتلمّس الكثير من الجرأة التي قد تتجاوز حدود المقبول خلال جولةٍ سريعةٍ على مواقع التّواصل الاجتماعي، وهو ما يطرح سؤالاً حول ما إذا كانت هذه المساحة الوهميّة مفيدة حقّاً، إم  أنّها تغذّي العزلة والوحدة وحتّى الانحرافات النّفسيّة التي قد تحتاج لتدخّل مختصين.

الجدل مستمر

لا ينتهي الجدل هنا، فالمشكلة بحسب مُطّلعين، لم تسبّبها مواقع التّواصل الاجتماعي، بل هي فقط أظهرتها إلى العلن، فجميع من يختبؤون خلف حساباتٍ وهميّة وحياةٍ سرّيّة على هذه المواقع، كان لهم ذات الحياة تقريباً، قبل أن يصبح الإنترنت شائعاً كما هو اليوم. لقد اختلفت طرق التّعبير فقط، ففيما كانت محصورةً في أماكن مُخصّصة للدّعارة مثلاُ، باتت اليوم على صفحاتٍ إلكترونيّة، والجّرائم وبيع الاعضاء وتجارة المخدّرات، وُجدت من مئات السنين، وما فعلته مواقع التّواصل الاجتماعي، أنها جعلت الأمر ظاهراً اكثر مما سبق.

هنا الوقاع

يقول آخرون إنّ "كلّ الحسابات السّرّيّة والوهميّة، والتي تحمل أسماء مستعارة، تعكس حقيقة البشر كما هي، بعيداً عن الأُطر الدّينيّة والشّعبيّة، فلا عادات ولا تقاليد، ولا محاسبة لاحقاً من المجتمع، وبالتّالي يظهر النّاس كما هم، يقولون ما يفكرون به، ومن دون حسابٍ للعيب أو الحرام أو العقاب الاجتماعي والإقصاء بسبب الاختلاف.

ويذهب الأمر بالبعض أننا لو كنّا نعيش في مجتمعاتٍ مُتحرّرة لا تُشهر مقصّاتٍ رقابيّة في وجه كلّ مختلف أو صاحب رأيٍ مضاد، ولو لم نكن متشدّدين لعاداتٍ وتقاليد، لما كنّا عرفنا أسماء وهميّة ولا حسابات سرّيّة، ولكان التّطابق شبه تامٍّ بين الحياة الحقيقيّة وتلك الافتراضية.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +