رغم تراجع نسبته: الزواج المبكر لا يزال منتشراً في سوريا، وبعضه مُتطرّف.

رغم تراجع نسبته: الزواج المبكر لا يزال منتشراً في سوريا، وبعضه مُتطرّف.

راديو ألوان- صح اللون

 

غيّرت ظروف الحرب التي تمرّ بها سوريا من عادات النّاس في الزّواج وما يسبقه من تقاليد وأعراف، فاختلفت ظروف الزّواج كما اختلفت أسبابه، وبات لكلّ منطقةٍ في البلاد حكايات لمتزوّجين أو مُقبلين على الزّواج، تفرضها الوقائع الأمنيّة والافتصاديّة والاجتماعيّة الجديدة.

تقول إحصاءاتٌ صادرةٌ في دمشق: إنّ نسبة العنوسة قد ارتفعت خلال العام 2016 إلى 75% بين الفتيات السوريات، يأتي الرّقم مع الأنباء السّابقة التي تفيد بأنّ نسبة الإناث للذكور في سوريا قد سجّلت ارتفاعاً لصالح الإناث، كنتيجةٍ مباشرةٍ لأحداث الحرب التي جعلت قسماً كبيراً من الشّبّان السّوريّين يغادرون البلاد، وبعد أن قُتِل المئات منهم أو اعتُقلوا، أو التحقوا بصفوف القوّات النظامية، مُجبرين أو راغبين، فيما التحق قسمٌ آخرٌ منهم بكتائب المُعارضة.

 

الزواج المُبكّر ينخفض

عرفت سوريا قبل 2011، ظاهرة الزواج المبكر، سواء في الريف أو المدن، لكنّ أحداث الحرب قلّلت من هذه الظاهرة وفق ما تقول الدكتور "روضة دواليبي" في حديثٍ لبرنامج "صح اللون"، لكنّ انخفاض معدلاتها لا يعني زوالها، إذ تشير "دواليبي" إلى أنّ الظّاهرة "لا تزال موجودة بكل ما تتركه من آثار نفسية وصحية واجتماعية على المتزوجين بعمرٍ مبكّر، والإناث هنّ الأكثر تأثّراً بالطبع، نتيحة الحمل والولادة".

ومن الآثار النفسية التي يتركها الزواج المبكر على الإناث، هو اختصار أو حتى إلغاء مرحلة الطفولة من عمر الإناث، تقول دواليبي: "تجد فتياتٌ صغيراتٌ أنفسهنّ بمواجهة مسؤولياتٍ زوجية واجتماعية لسنَ مستعداتٍ لها بعدْ، وينتقلن من عمر الطفولة إلى سنّ النضج اجتماعياً، فيما هنّ لا يزلن أطفالاً بعقولهنّ وأجسادهن، وحين يقع الحمل، تتحول الفتاة إلى أمٍّ بسرعة لم تكن تتصورها، ولا تستطيع إدراكها".

الآثار والمَضَار

تبدأ الآثار التي قد تعاني منها الإناث في الزواج المبكر من ليلة الزفاف، فكثيراتٌ يتعرضن للعنف نتيجة عدم إدراكهنّ ما الذي يعنيه الجماع، ويُجبَرْنَ من قبل الأزواج على المشاركة في الجماع، الذي قد تصحّ تسميته في كثيرٍ من الحالات اغتصاباً، تقول دواليبي "كثيراتٌ يجدن أنفسهنّ أمام تجربةٍ جديدةٍ لا يملكن أيّ معلوماتٍ عنها، يتعرّضنَ للتعنيف وأكثر من ذلك، ثم يقع الحمل في جسدٍ لم يكتمل نمو أعضائه التناسلية بعد".

بالنسبة لدواليبي فإنّ أفضل عمر للزواج من الناحية الصحية، لكلا الجنسين، هو بعد الثامنة عشرة، وما هو دون ذلك العمر يؤدي لأثار نفسية واجتماعية تبقى مع الزمن، وعادةً ما نسمع قبولاً من قِبَل المجتمع لظاهرة الزواج المبكر، فيما قد تسمع من فتاةٍ لم تتجاوز السابعة عشرة من العمر لفظة "عانس"؛ للدلالة على عدم زواجها أسوةً ببقية أقرانها في ذات البيئة، والتي اعتادت أن تُزوّج الإناث في عمرٍ لا يتجاوز الخامسة عشرة.

من يُقدِم عليه؟

انحسرت ظاهرة الزواج المبكر بين السوريين عموماً خلال سنواتٍ خلت، إلا أنّها عادت لتنشُطَ بفعل تواجد قوى متطرفة ومتشددة، ترى في الزواج المبكر ما تمسيه "ظاهرةً صحية"، معتمدةً على نصوص شرعية وفقهية، يرى البعض أنّها لم تعد مناسبة للزمن الحاضر.

وسجّل كثيرٌ من القوى الإسلامويّة المتطرفة حالات زواج بين مقاتلين وفتيات من مناطق محلية، تحت اسماء مختلفة، بغضّ   النظر عن فارق العمر بين الزوجين، وعمر الفتاة التي تجد نفسها عروساً لأمير أو مقاتل ما، ما تلبث أن تخسره قتيلاً في إحدى المعارك التي تدور رحاها في البلاد.

 

استمع للقاء الكامل مع الدكتور روضة دواليبي في هذا التّسجيل الصوتي من برنامج "صح اللون":

 

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +