سوريا، شعب أم شعوب؟

سوريا، شعب أم شعوب؟

راديو ألوان صح اللون

 

شكّل إعلان موسكو، عن تحضيرات لاطلاق مؤتمر سياسي جديد، تحت اسم "مؤتمر شعوب سوريا" استفزازاً لعدد من السوريين، الذين رأوا في تسمية المؤتمر، تكريساً للاختلافات العرقية والأثنية في البلاد، التي تعيش صراعاً مسلحاً منذ عام 2011، اودى بحياة أكثر من مليون سوري.

يذكّر مصطلح شعوب سوريا، بمصطلح شعوب روسيا الاتحادية، ورغم التناقض الكبير بين التركيبة الاجتماعية في سوريا ومثيلتها في روسيا، إلا أن موسكو تسعى ربما لاستنتاج مبكر عن حال سوريا المستقبلية التي مزقها الصراع إلى شبه كيانات متنازعة، لم ترسم حدوداً واضحة بعد فيما بينها.

تقول الأرض السورية، إنه من الصعب على المواطن السوري، أن يكون حراً في التنقل بين مدن وبلدات بلاده اليوم، دون أن يتعرض لخطر القتل او الخطف، لأسباب دينية وسياسية واجتماعية، وتشير المؤتمرات السياسية التي كثر انعقادها لايجاد حل سياسي للأزمة المستمرة، إن البلاد تتجه نحو شكل حكم سياسي، لا يتضمن مركزية إدراية، في أحسن الاحوال، وقد ينص على فيدارلية لم تعرفها البلاد سابقاً.

بقدر ما يبدو الكلام اليوم، عن شعب سوري واحد يتقاسم الهموم والدوافع والرغبات، أمراً من الخيال، إلا أن النظرة القريبة إلى سوريا كما نراها اليوم، ستعزز من هذا الإنطباع، الذي يقول إن البلاد باتت بشعب مقسم إلى حد الاقتتال، لكن هل لسبع سنوات، أن تمحي أكثر من 400 عام، هو عمر الهوية السورية؟

خلال السيطرة العثمانية على البلدان العربية، أقرت في المعاملات والفرامانات الرسمية، تسمية سوريا، على بلاد الشام، التي كانت مقسمة لولايات، لكن المجتمع المدني برجالاته وشخصياته لم يكن قد انتج هوية سورية واضحة المعالم بعد.

مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبدء الانتداب الفرنسي على سوريا، عمل رجال وطنيون سوريين على صياغة هوية سورية جامعة، لم تكن حدودها سوريا التي نعرفها اليوم، بل كانت تشمل جبل لبنان، وأجزاء من فلسطين، ورغم أن الاحتلال حاول تقسيم البلاد إلى ثمانية كانتونات، إلا أن الرفض الشعبي لاحقاً، أجبر الاحتلال عام 1922، على الاعتراف بدولة سوريا، وأعلن ما عرف لاحقاً بإعلان لم الشمل السوري.

رغم كل الانقسام الذي يعيشه السوريون اليوم، واتساع الهوة بين مكونات اجتماعية ودينية وحتى عرقية، ومع توزع سوريين في بلدان المهجر واللجوء، واختلاف تجاربهم من الحرب، واصطفافهم الى أطراف صراعها، إلا أن المصلحة السورية العامة، لا يمكن أن تكون إلا بالنظر إلى أنفسهم كسوريين لا يمكن قسمتهم أو قسمة وطنهم، فالمساحة الجغرافية الوليدة أصلاً من اتفاقات دولية لم تنصف المنطقة، لا يمكن لها أن تقسم من جديد، ولا يمكن لشعبها الذي طالما نشد الوحدة مع أشقاءه في بلدان الجوار، لن يتخيل تقسيماً جديداً يفرض عليه، بفعل الحرب وأثارها.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +