الترهيب الصريح، وسائل الإعلام في دورها الجديد

الترهيب الصريح، وسائل الإعلام في دورها الجديد

راديو ألوان- صح اللون

في مقابلة تلفزيونية بثت قبل سنوات، قال عزمي الشراشيبي المدير العام السابق لإذاعة القدس عام 1948، إن برامج الإذاعة أثناء النكبة، هولت من حجم المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في المدن والبلدات الفلسطينية، ما ساهم في هجرة قرى بأكملها خوفاً من مصير مماثل للذي سمعوه عبر الإذاعة.

المهمة والهدف

تنحصر مهمة وسائل الإعلام في التعريف الاكاديمي لها، في نقل العالم وتفسير العالم، إلا أن الواقع الاعلامي، يقول إن أهداف سياسية وعسكرية أحياناً، هي مهمة الكثير من وسائل الإعلام اليوم، من خلال السيطرة على المتابعين، وتوجيه الرأي العالم بما يخدم مصالح أنظمة ودول وجماعات.

بثت وسائل الإعلام العربية الكثير من الأخبار التي حملت التهويل والترهيب عن كثير من الاحداث العربية، بالذات تلك المرتبطة بالربيع العربي، فركزت في مضامين النشرات والبرامج، على نقل المعلومات والتحليلات الصحفية التي كانت تصب في مصالح دول وانظمة واجهزة أمنية، أكثر مما تصب في صالح الشعوب.

وجد المتلقون أنفسهم أمام معلومات تشكل خطراً على حياتهم وحياة من يحبون، وتصرفوا عملياً أو نظرياً، بناء على الحالة التي تركتهم عليها وسائل الإعلام عبر نشرات أخبارها ومعلوماتها، فمنهم من اتخذ قرارات اقتصادية واجتماعية بناء على ما سمعه وطبعته نشرات الأخبار في ذهنه.

الترهيب من أجل الترهيب

استخدم تنظيم الدولة الاسلامية وغيره من التنظيمات المتطرفة في سوريا، أكثر أنواع الترهيب الاعلامي فجاجة في سوريا، فعبر "إصدارات مرئية" وفق التسمية الخاصة بالتنظيم، بُثت عمليات اعدام وتصفية تكاد تكون غير مسبوقة في ذهن المشاهد السوري، في سعي من التنظيم للسيطرة على العقول عبر الخوف.

كان التنظيم يهدف إلى زرع الخوف من أجل الخوف، وهو سلاحه الأكثر مضياً في أجزاء من سوريا والعراق، فلم يكن مبالياً بما سيحمله الترهيب من رفض شعبي ونفور عام منه، بقدر اهتمامه بتثبيت صورة واحدة عنه، وهي أنه لا يقهر ولا يخشى ولا يخاف.

بفيت رسالة التنظيم التي روجتها وسائل الإعلام بدورها، ثابتة طوال سنوات، تحت شعارات دينية استخدمها التنظيم بأكثر الطرق تطرفاً وغلواً، وعبر تقنيات حديثه في التصوير والنقل والوصول.

وفيما كان التنظيم يعرف ما يفعل تماماً، عبر كل المشاهد والخطب والمواد التي بثها، ظهرت في سوريا تنظيمات وفصائل تناقض شعاراتها ومواقفها، بمواد إعلامية تنتجها أو تنتج عنها، تحمل خطاباً طائفياً او عنصرياً، أو حتى فيه من التطرف ما يخالف قيم الثورة الأولى.

عمليات إعدام على الهوية وتصفية وقتل، ارتكتب باسم الثورة، وبثت صورها من دون أي دراية بالأثر الذي من الممكن أن تحدثه في ذهن المتلقي، الذي بات أكثر بعداً عن هذه الفصائل، بعد أن كان يرى فيها في مرحلة ما، أملاً في إحداث تغيير عسكري، يفضي إلى تغييرات سياسية تسير بالبلاد نحو دولة مدنية.

المقاطعة

عزف كثيرً من السوريين اليوم عن متابعة وسائل الإعلام، ليس من الصعب أن تسمع من أحدهم أنه لم يتابع نشرة أخبار منذ سنوات، انتهت الثقة التي كان من المفترض انها موجودة بين المتلقي والوسيلة، بعد أن لمس المشاهد السوري الفرق بين ما يبث وما يحدث، وبعد أن كشفت كبرى وسائل الإعلام العربية عن اجندات سياسية وعسكرية، بالذات في الحالة المصرية، وفي الخلاف القطري السعودي، فاصطفت وسائل الإعلام بشكل حاد وغير موضوعي من قضايا المنطقة، متسقة مع دول راعية أو مالكة لها.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +