من قتل التطوع في سوريا؟

من قتل التطوع في سوريا؟

راديو ألوان- صح اللون

 

بعد اتفاق اوسلو عام 1993بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطات الاحتلال،وظهور السلطة الفلسطينية عام 94،  نشطت المنظمات الدولية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، ونفذت مشاريع في جميع المجالات تحت رعاية وموافقة السلطة الفلسطينية، بعد سنوات، تلاشى بشكل شبه تام، أي عمل تطوعي في المنطقتين اللتين كانتا تغصان بالمتطوعين في كل المجالات ومن مختلف الأعمار.

سيطرت الافكار الرأسمالية والليبرالية على الفكر التمنوي العام في الاراضي الفلسطينية، وتحول المجتمع المدني الذي كان له أدواراً سياسية واقتصادية واجتماعية، إلى منظمات تشكل صلة وصل بين الدولة والاقتصاد، بدلاً من تشكل الوسيط بين المجتمع من جهة والدولة والنظام الاقتصادي من جهة أخرى.

في الإسقاط السوري، عرفت البلاد منذ عام 2011، ثورة في مجال العمل التطوعي غير المنظم في كل المجالات، إعلامياً وإنسانياً واغاثياً وحتى سياسيا، شارك الآلاف في الشأن العام، من دون انتظار أي مقابل، إلا ذلك المتعلق بالمنفعة الاجتماعية العامة.

منذ عام 2012، عززت المنظمات الدولية، والحكومات الغربية، من تواجدها وشراكاتها مع منظمات تطوعية محلية، فيما ظهرت منظمات سورية لحقت الدعم بدلاً عن استباقه، أو حتى انتظاره.

تُهدد ثقافة التطوع في سوريا اليوم، في مقتل، فمع الظروف الأمنية شديدة التعقيد في جميع أنحاء البلاد، والمخاطر العسكرية والاقتصادية، والتجارب السيئة التي ذاع صيتها، بات التطوع شبه مرفوض اجتماعياً، أو يقابل بالكثير من الحذر في أحسن الأحوال.

التطوع خيانة

في المناطق التي بقيت تحت سيطرة النظام، أُسست منظمات مختلفة التسميات، كان هدفها التشويش سياسياً واجتماعياً على أي نشاط معارض، مهما كان صغيراً، ونُفذت مشاريع ذات طابع سياسي، أو صبغة سياسية، حتى حين كانت تحاول أن تقدم الدعم لنازحين سوريين من مناطق النزاع.

في المقابل، هُددت حياة كل من حاول أن ينفذ حتى لو نشاطاً متعلقاً بالمختفين قسرياً، واعتقل المئات من المتطوعين الذين حاولوا إيصال مساعدات غذائية لمناطق محاصرة في حمص أو درعا أو ريف دمشق.

ألصق النظام تهم الخيانة بل من حاول إيصال ولو حتى حبة من دواء، إلى مناطق محاصرة في سوريا، وشكلت محاكم شبه عسكرية للكثيرين منهم، فيما قضى العشرات في معتقلات سرية في البلاد.

التطوع الحرام

في المقابل، لم يكن الحال بأفضل في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، فكان من المستحيل في جنوب دمشق، تنفيذ نشاط خاصاً بالأطفال، تحت سطوة منظمات متطرفة، فيما اعتقل عشرات من المتطوعين في المنظمات الاغاثية والتعليمية، وغيب آخرون.

قتل تنظيم الدولة الإسلامية داعش، كل من حاول أن ينقل ولو صورةً، من مناطق سيطرته، ونفذ عمليات الإعدام بحق المعتقلين جهاراً، ما حدّ من إقبال الراغبين بأي نشاط تطوعي مجتمعي.

ألصفت تنظمات أخرى تهمة الكفر أو نشر الفتن ومخالفة الشريعة، بمدرسين لمواد مثل الموسيقى والرسم، وعاقبتهم بالجلد حيناً، أو الاعتقال والتعذيب حيناً آخر.

الوجه المشرق الأخير

بالرغم من كل المخاطر الآمنية عالية الخطورة، لا تزال فرق الدفاع المدني من المتطوعين، تنشط في كثير من مناطق البلاد، فلم تستطع أرقام الشهداء الكبيرة التي قدمها الدفاع المدني السوري، أن تحد من نشاطه أو عدد المنتسبين الجدد إليه.

تشكل فرق الدفاع المدني السوري، اليوم، حالة فريدة من العمل التطوعي، ليس في سوريا فقط، بل في كل العام، وفق ما ترى منظمات دولية وعربية مستقلة.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +