أشكال ألوان| «أنا وأنتِ وأمي وأبي»، الوقوع في تنظير المحتوى

أشكال ألوان| «أنا وأنتِ وأمي وأبي»، الوقوع في تنظير المحتوى

«نبتعد في الفيلم عن الطرح الفج»، كلماتٌ قالها المخرج عبد اللطيف عبد الحميد رداً على سؤال عن ماهية اسم فيلمه الجديد «أنا وأنتِ وأمي وأبي». الفيلم الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما، وظهر للنور في عرضٍ خاصٍ للصحفيين مؤخراً ضمن صالة سينما سيتي في دمشق.


هي حكاية حب في زمن الحرب، وبين المفردتين المتقاربتين لفظاً والمتناقضتين في المعنى، تمتد دقائق الفيلم لتحكي قصة عائلة سورية قسمها الموقف السياسي بشكلٍ رأسي، ليتوه الحب الصادق القديم بين الأب «سامر عمران» والأم «سوزان نجم الدين»، ولكنه يعود ليولد بروحٍ جديدة بعيدة عن الصراعات السياسية والاجتماعية، عبر علاقة حب تجمع ابنهما «يامن الحجلي» بفتاةٍ يتعرف عليها صدفة «مرام علي».


كمية مرهقة من الحوار حملها الفيلم بين طياته، ذهب في معظمه إلى إطار الطرح الأحادي، فهناك ممثلٌ تحول إلى منظِّرٍ يتحدث من على منبر وممثلٌ قبالته يستمع، يحاول المقاطعة أو التذمر، لكنه يخضع بسكونٍ كمن يفكر فعلياً في التوبة. ورغم محاولة الفيلم عكس آثار الحرب عبر تصويره مشاهد حية لخراب مدينة حمص والقذائف والتفجيرات التي تستهدف مناطق العاصمة دمشق، إلا أنه يحاول رسم صورة وردية لتخطي الجرح العميق وإظهار المخالف بالرأي على أن مصيره العزلة في حال لم يتصالح مع مواقف الآخرين.


ينتهي الفيلم نهاية درامية مستفزة، بمقتل البطلين على مبدأ التضحية المدفوعة في زمن الحرب، وأن نيران الصراع ستحرق الأبرياء ممن فكروا بالحب وعاشوه بتلقائية دون أي اعتبارات.


بعد أن عُرضَ في سينما سيتي دمشق، سيبدأ عرضه للجمهور في سينما الكندي في الخامس من أيار/مايو القادم، وهو يأتي ضمن مجموعة إنتاجات تقدمها المؤسسة العامة للسينما التابعة لوزارة الثقافة، والتي تتضمن أفلاماً روائيةً طويلة يتناوب على إخراجها عدة مخرجين سوريين، كعبد اللطيف عبد الحميد ومحمد عبد العزيز وجود سعيد، وأفلاماً قصيرة تحمل مسمى التجارب في سينما الشباب، وتأخذ طابع الدعم لتشجيع الفكر السينمائي وإظهار عجلة الإنتاج على أنها صامدة رغم ظروف النزاع السوري المستمر.


نالت بعض هذه التجارب جوائزَ في عدة مهرجانات خارج سورية، حملت بصمات علي وجيه ووسيم السيد ورامي كوسا، إلا أن المعضلة التي تحملها هذه التجارب كما غيرها من الإنتاج المحلي، هي وقوعها في خطٍ مسايرٍ للرقابة التي حرَّمت مثلاً عرض فيلم «المهاجران» لمحمد عبد العزيز في الصالات العامة، رغم إجازة نصه سينمائياً ومسرحياً من قبل، ليتصدر الشاشة الفضية فيلمٌ يطرح الواقع بشكلٍ مجتزأ كفيلم «أنا وأنت وأبي وأمي».


بين بدايةٍ حملت صوراً جوية لمدينة دمشق من الأعلى، ونهايةٍ عرضت الحمام الدمشقي، يتابع دورانه الحلقي متجهاً نحو جنوب العاصمة المغطس بالألم، تسرقُ المناظر العلوية المشاهد فيبصر معالم المدينة المنسية في ضمير العالم كما لم يرها من قبل، يظن لوهلةٍ أن دمشقَ ستسرقه نحوها من جديد، تحضنه كما كانت سابقاً. قبل أن يصطدم بتعريفات الواقع المغايرة لصورة الذاكرة، فذاك شابٌ يترك الجامعة ليقف على حاجز تفتيش، وشابٌ آخر يخاف التواصل مع أي لابسٍ لزي عسكري، ولهجةٌ مناطقية تظهر وتختفي دون توازنٍ لتعكس أيديولوجيا المواقف، وأسئلةٌ تُطرح منقوصة فتتساقط عليها إجابات عبثية تزيد المشهد تعقيداً. هكذا ينتهي الفيلم تاركاً الذهن معلقاً في إيجاد نقاط وصل بين ما عاشه السوري على الأرض، وبين ما سيتابعه في فيلمٍ سينمائيٍ «وطني» طويل.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +