أشكال ألوان| الوحدات الكردية والبرزاني، ودور الأسد في اللعبة؟

أشكال ألوان| الوحدات الكردية والبرزاني، ودور الأسد في اللعبة؟

يعود الهدوء إلى أحياء مدينة القامشلي بريف الحسكة الشمالي، بعد معارك خاضتها وحدات حماية الشعب الكردية مع قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين، إضافة إلى الضحايا المدنيين، الذين سقطوا برصاص النظام السوري، في أحياء متفرقة من مدينة القامشلي.


الهدوء عاد إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب، التي نشرت عناصرها، وشرطة مروها في المدينة، والنظام بدوره أعاد رفع أعلامه في المربع الأمني بالمدينة، ونشر الحواجز في محيطه، وكأن شيئاً لم يكن!!


كل طرفٍ محتفظٌ بالمناطق التي سيطر عليها كما في السابق، أعلام الوحدات مرفوعة، وأعلام النظام أيضاً، بيد أن الجانب الآخر من المعركة لم يأخذ بالحسبان، أرزاق المدنيين، التي دمرت واحترقت برصاص الطرفين، ومن سيعوضهم، أم أن لغة السلاح باتت هي الأقوى؟!


الوحدات الكردية لا تستطيع الاستمرار في الحسكة، دون فتح جبهات باردة، وحروب بيانات وتصريحات، على الأصدقاء قبل الأعداء، ولعل إقليم كردستان كان المستهدف في الأيام الماضية من  عناصر أو مؤيدين لا يتحركون إلا بعلم الوحدات.


لماذا تتهجم الوحدات على مسعود البارزاني؟


بعد انتهاء المعارك مع النظام السوري في القامشلي، عمدت الوحدات الكردية إلى التهجم على رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، واصفةً إياه بـ«الخائن» معلقة لافتاتٍ عدّة في القرى والمدن التي تسيطر عليها في شمال شرق سوريا.


العلاقة السيئة بين الوحدات ومسعود البارزاني، ليست بجديدة، بل هي ممتدة منذ تواجد عناصر الحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، والذي يُعتبر رأس النبع للوحدات، ولفترات متباعدة كانت تجري مناوشات بين الطرفين، رغم اعتماد حزب العمال على حدود الإقليم في التحرّك والقتال.


ألدار خليل، عضو حركة المجتمع الديمقراطي، والقيادي في حزب العمال الكردستاني، علّقَ على صور البارزاني، أنها «حرية التعبير والرأي، والوحدات ليس بمقدورها كبت الحريات في مناطق سيطرتها بريف الحسكة». غير أن «خليل» تناسى ما فعله عناصره بالاعتصامات والإضرابات السلمية في الحسكة، حين قُتلَ عدد من المدنيين الكرد، عقب فض اعتصامٍ لهم في الحسكة.


لاقى شتم البارزاني غضب واستنكار أوساطٍ إعلاميةٍ مؤيدةٍ ومعارضةٍ لسياسة وحدات حماية الشعب، فالخلاف بين الطرفين، تتحمل وزره وحدات الحماية، التي رفضت مطالب الإقليم بإدخال الجرحى الذين أصيبوا في المعارك الأخيرة بالحسكة إلى أراضيه. مطلبٌ إنسانيٌ يجابه بالرفض، في أوقاتٍ افتقد فيها المدنييون الكرد إلى أبسط مقومات الحياة.


ما دور النظام في توتر العلاقة بين أطياف الكرد؟


النظام السوري لم يكن بعيداً عن التوترات القائمة بين الأطياف السياسية والعسكرية الكردية، فعلى الرغم من حربه مع الوحدات، إلا أنه يفضلها على إقليم كردستان، فالقاسم المشترك بين الطرفين، هو الروس، الذين وجدوا في وحدات حماية الشعب، خير سلاحٍ في ضرب أعداء روسيا، لا سيما المعارضة السورية، وتركيا، التي تعتبر وحدات الحماية حزباً «إرهابياً» إضافة إلى العلاقات الوطيدة بين قيادته والمخابرات الروسية، فالوحدات سلاحٌ بيد روسيا التي لا يمكن أن تكسر شوكة النظام السوري في الحسكة.


يرى البعض أن صور البارزاني لم تكن من المدنيين، وإنما هي من أتباع النظام السوري الذين تغلغلوا في حزب الاتحاد الديمقراطي، لضرب المكونات الكردية. علاقة البارزاني بتركيا، ودوره في ما يعرف بالمحور السني، دفع الوحدات إلى غضّ النظر عن المعسكر الشيعي المتمثل بالأسد، وروسيا، وإيران، وحزب الله، فعلى الرغم من سيطرتها على مواقع عدّة في شمال حلب، إلا أن الوحدات لم تخض أي حربٍ مع النظام، وهو اعترافٌ مصورٌ من قيادي بارز في قوات سوريا الديمقراطية.


ولعل العلاقة بين الوحدات والروس، باتت أفضل من قبل، حين افتتح الروس ممثلية للوحدات في موسكو، إضافة إلى الدور الذي تلعبه الوحدات في عمليات تبادلٍ للأسرى مع تنظيم الدولة، والأبرز فيها جثة الضابط الروسي الذي قتل في تدمر، وهي تتجه أينما وجدت مصالح لها، وهذا ما قد يضعها في مأزق «انتهاء الصلاحية» بوصول القوى الدولية إلى اتفاقٍ شاملٍ حول سوريا والمنطقة معاً.


الصراع الكردي، قد لا يقاس بالصراع بين مكونات المعارضة السورية، غير أن الوحدات وبنظر بعض المواطنين في الحسكة، ليست سوى قوة متحالفة مع النظام، لكن بطابعٍ مغاير، إذ باتت أداةً محليةً ودولية، فانتقلت من القوى الداخلية إلى لعب أدوارٍ قد تكون أكبر منها، واللعب بالنار، يحرق، وقد لا يُبقي أخضراً ولا يابساً، خاصةً وأن المنطقة برمتها على صفيحٍ ساخن!!

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +