أشكال ألوان| شركاء أميركا في سوريا: العصا الغليظة والمطيع الصغير

أشكال ألوان| شركاء أميركا في سوريا: العصا الغليظة والمطيع الصغير

تُواصلُ الولايات المتحدة الأمريكية رسم استراتيجيةٍ جديدة لمشروعها في الحرب الدائرة على الأراضي السورية، بين عدة أطراف، مختلفة فكرياً وعقائدياً وسياسياً، وترى أمريكا أنه يمكن توحيدها وصهرها في «الشماعة الدولية»، الحرب على الإرهاب.


لا تولي الولايات المتحدة الأمريكية أيّ أهمية لخلفية فصائل في المعارضة السورية، أو غيرها، في مشاريعها ومستقبل هذه المشاريع، فالأهم حالياً هو محاربة تنظيم الدولة، وقوى آخرى مدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكي. إذ تسير أمريكا بخطىً واضحة تقوم على سياسة العصى لمن عصى، فالمشروع سينفذ دون اعتراضات من أحد، والمنفذون قوىً عسكرية مذمومة ومحبوبة من المدنيين في آنٍ واحد.


قوات سوريا الديمقراطية، عصا أمريكا في سوريا


قوات سوريا الديمقراطية، التي تمثل وحداتُ حمايةِ الشعب، عمودها الفقري، تعدُّ أبرز حلفاء الولايات المتحدة على الأرض في سوريا، لا سيما في محاربة الإرهاب، المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية، دون نظام الأسد، وميليشياته.


تحظى قوات سوريا بطابعها الكردي بدعمٍ غير مسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عبر غطاءٍ جوي، وشحنات أسلحة متواصلة إلى مناطق سيطرة القوات في شمال وشرق سوريا، ولعل ضرب المعارضة السورية في شمال حلب، يندرج وفق المخطط الأمريكي لتطويع المعارضة، الأمر الذي أكده جون كيري وزير الخارجية.


كما تعدُّ قوات سوريا أبرز منفذي السياسة الأمريكية على الأرض السورية، لا سيما في محاربة تنظيم الدولة، إذ تسقط عشرات القرى والبلدات في ساعات قليلة، ويفر التنيظم ويهرب، ليردَّ الصاع صاعين، لكن للمعارضة السورية.


دعمٌ أمريكيٌ واضحٌ وصريح، لقوات سوريا الديمقراطية، على مرآى العرب والعجم، وتمهيداً لمشروع تقسيمي، يكون فيه الأكراد عصا أمريكيا في سوريا، ولعل الخارطة باتت واضحة المعالم أمام لعبة استخباراتية أمريكية، تقضي بإنهاك المعارضة، وتقوية خصومها من قوات سوريا الديمقراطية.


كل ما تحتاجه السياسة الأمريكية في سوريا، هو محاربة الإرهاب، وزعزعة استقرار الصديق التركي بكيانٍ كردي قرب حدوده، الأمر الذي ترفضه تركيا، التي تراجعت في الآونة الأخيرة عن تصريحاتها ضد المشروع الكردي، مبررةً ذلك باستنادها إلى معلومات غير دقيقة عن تفاصيل قوات سوريا الديمقراطية.


جيش سوريا الجديد، المطيع الصغير


يعدُّ جيش سوريا الجديد الذي يقوده المقدم المنشق «مهند الطلاع» أحد ركائز الولايات المتحدة الامريكية في وسط سوريا، وتحديداً في البادية السورية، إذ ظهر الجيش بقوة عسكرية كبيرة، مكّنته من السيطرة على معبر التنف الاستراتيجي، وطرد تنظيم الدولة، وطبعاً وكالعادة، بغطاءٍ من التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، ما يعزز النظرية القائمة على محاربة الإرهاب وفق النظرة أمريكية، التي تنص على قوى عسكرية في الشمال، وآخرى في الوسط، وتنظيم الدولة في الوسط.


لم يتمكن، أو إن صح التعبير لم يُسمح، لجيش سوريا الجديد بالخروج خارج أسوار معبر التنف، رغم امتلاكه عتاداً عسكرياً ضخماً، لمواجهة التنظيم، إضافةً إلى علاقاته الوطيدة مع المخابرات البريطانية، عبر اجتماعات دورية في العاصمة الأردنية عمان، والغاية أيضاً تنظيم الدولة دون غيره. غير أن تحجيم جيش سوريا الجديد، وتغييبه خلافاً لقوات سوريا الديمقراطية، يكشف أنه لا نية لأمريكا بإنهاء تنظيم الدولة، في سوريا، إذ يعتبرُ معبر التنف، ومواقع جيش سوريا الجديد، أهم من الناحية العسكرية عن نظيرتها الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية، فمن الناحية العسكرية بإمكان جيش سوريا الجيدد الاقتراب والسيطرة على البوكمال، أهم موقعٍ لتنظيم الدولة في سوريا، إلا أنه لا موت لداعش، دون إيجاد البديل، هكذا تريد أمريكا.


تبقى الأبواب مفتوحة أمام كل التغيرات في الساحة السورية، ففي الآونة الأخيرة دخل البريطانيون على اللعبة، وباتوا أصحاب نظريات عسكرية لمحاربة تنظيم الدولة، وفقَ ما كشفت عنه تقارير استخباراتية أجنبية، تؤكد على وجود قوات بريطانية تساند المعارضة في محاربة تنظيم الدولة وسط سوريا.


إذن، بريطانيون وأمريكيون، أردنيون، أتراك، وأخيراً وليس آخراً السعوديون وهم أضعفُ السابقين، وما زالت سوريا تقطر دماً، في حلب وحمص ودمشق وحماة ودرعا، وأمريكا باقية في مشروعها، والعصا في عجلة الثورة.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +