
2017-07-20 16:51:35
قاسم البصري_ راديو ألوان:
من سراقب التي ثارت للحرّية، وثارت على الظّلم، من جدرانها العالية في الشّمال، من خضرة زيتونها، استقبل السّوريّون، أوّل أمس، أولى رسائل الدّيمقراطيّة ودولة المؤسسات التي نادت بها ثورة الكرامة، في انتخاباتٍ عامّة شارك فيها الأهالي لينتخبوا ممثّليهم لإدارتها. كانت المرّة الأولى التي ينتخب فيها السّوريّون بإرادتهم منذ خمسين سنةٍ خلت، عاشوها في دولة القهر الأسديّة، إلا أنّ التجربة الديمقراطيّة هذه لم تناسب الملثّمين الذين اقتحموها وأزالوا أعلام الكرامة من فوق سواريها، ليدوسوها بأقدامهم، من هذه المدينة الشّجاعة خرج شجاعٌ بقامة وطن، كان اسمه بالأمس "أبا الوليد"، وبات اسمه اليوم "الشهيد مصعب العزّو".

"أبو الوليد" الذي ولد في سراقب عام 1972، رجلٌ بسيط الحال شدّته ثورة الفقراء، ليشارك فيها منذ انطلاقتها، ناشطاً وثائراً، يوثّق دمار المدينة ويرسل مداخلاته إلى وسائل الإعلام، لينقل واقع مدينته التي كان آخر كلامه عنها أنّ دمه "فداءٌ لأهلها"، كان بالفعل قد فدى أهلها بروحه حين وقف، مساء أمس، أعزلاً سوى من غصن زيتون، ذائداً عن مقرّ "جبهة ثوّار سراقب" التي طلبت فزعة أهالي "سراقب"، فكيف يمكن لمصعب ذي النّخوة ألا يفزعَ لأهل مدينته!، ويقف أمام ملثّمي "هيئة فتح الشام" قائلاً "اقتلوني قبل أن تدخلوا هذا المقر"، فقتلوه.. نعم قتلوه بدمٍ بارد، فمصعبٌ ومن مثله من العزّل المدنيّين هم الذين يخيفون الظالم، لقد خافوه فقتلوه.

فقر "مصعب العزّو" والد الأطفال الثّلاثة، والذي يعيش في ما يسمّى مجازاً "منزل" بغرفةٍ ومنتفعاتها، كان قد منعه من إرسال ولديه التّوأم إلى المدرسة. كان عذره قسوة الحال، والوضع المتردّي الذي أجبره على تشغيل طفليه معه في كشكٍ صغيرٍ جانب ملعب سراقب، حيثُ لعب ودرّب، وقرّر أن يعمل بجانبه أيضاً، ليُعيلَ أسرةً تعيشُ ما يعيشُ السّوريّون من ضنك.
