ورقة بيضاء عليها أن تتسع لكل تلك الدماء، هذا هو الحال عند محاولة اختصار الأحداث السورية على مدار أسبوع كامل في تقرير، لكننا نستطيع القول إن الأسبوع الفائت شهد سقوط أكثر من 200 ضحية في مختلف المناطق، مع استمرار الهجوم الوحشي لقوات النظام ومليشياته على عدة جبهات، في حين تستمر قوات المعارضة في حملاتها العسكرية نصرة للزبداني، محاولةً الضغط على النظام لوقف الهجوم على المدينة.
حيث أعلنت غرفة عمليات حلب مساء الاثنين الماضي، بدء المرحلة الثانية لحملة نصرة الزبداني، واستهدفت تمركزات قوات النظام في بلدتي نبل والزهراء. وتجدر الإشارة أن انفجارات ضخمة وقعت في معامل دفاع قوات النظام قرب السفيرة، ولم يعرف بعد سبب هذه الانفجارات وسط تقارير تحدثت عن غارة جوية لطائرات التحالف.
في الشمال الغربي، في اللاذقية تحديداً، أعلنت قوات المعارضة بدء الهجوم على مدينة القرداحة مسقط رأس بشار الأسد، حيث استهدف جيش الفتح المدينة بعدد من صواريخ الغراد.
وفي الشمال أيضاً، لم يبقَ للنظام في إدلب سوى مواقع قليلة أهمها مطار أبو الظهور العسكري بريف المحافظة وبلدتا الفوعة وكفريا المواليتان والمحاصرتان، فيما ارتكب طيران النظام الحربي مجزرة جديدة في مدينة سراقب راح ضحيتها 16 مدنياً على الأقل.
ومع تقدم جيش الفتح في ريف ادلب الغربي وإعلان سيطرته الكاملة عليه، أصبح سهل الغاب وقراه وثكناته العسكرية التابعة لقوات النظام تحت تهديد قوات المعارضة التي ما زالت تتقدم بغرض فتح الطريق باتجاه الساحل السوري، في حين ألقت مروحيات النظام براميل متفجرة وألغام بحرية على مدينة قلعة المضيق مما أدى لارتكاب مجزرة راح ضحيتها العشرات.
وفي المنطقة الوسطى، سيطر تنظيم الدولة بعد أيام من المعارك مع قوات النظام على 10 نقاط عسكرية تابعة للأخيرة في محيط مدينة تدمر.
جنوباً في العاصمة، تستمر الاشتباكات في مدينة الزبداني بين قوات المعارضة وقوات النظام مدعومةً بمليشيا حزب الله، التي تفرض حصاراً على بلدتي مضايا وبقين، كما شن الطيران الحربي غارة جوية بخمسة صواريخ «فيل» محملة بغاز الكلور على حي جوبر.
هذا المشهد العامر بالخسائر في صفوف النظام وقواته لم يمنع بشار الأسد من الظهور العلني في خطاب يمكن وصفه بأنه إعلان سوريا بلداً مستباحاً، وبرر فيه انسحاب قواته من بعض المناطق لصالح المعارضة بأن ذلك ضروري للحفاظ على أماكن أهم، كما شدد على أن الدعم العسكري الإيراني لقواته يقتصر على الخبراء، مبدياً استعداده لأي حوار سياسي رغم مهاجمته للمعارضة وإقراره بأن الحل السياسي «عديم المعنى».
كما شهدت الساحة الميدانية والسياسية في سوريا تحولاً في موقف تركيا التي أعلن رئيس وزارئها أحمد داود أوغلو بأنه «ليس لدى تركيا خطط لإرسال قوات برية إلى سوريا، ولكنها اتفقت مع الولايات المتحدة على ضرورة توفير غطاء جوي للمعارضة السورية المعتدلة التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية هناك»، في حين انطلقت العمليات العسكرية للقوات التركية الجوية داخل الأراضي السورية، وبدأ الحديث عن فرض حظر جوي وضرب تنظيم الدولة الاسلامية، وقوات حزب العمال الكردستاني (ب ك ك).
أما الموقف الأمريكي الذي أعطى الموافقة للأتراك بالتحرك ودعمه حلف شمال الأطلسي «ناتو»، لم يعلن عن وجود منطقة حظر جوي خاصة لطيران النظام السوري، ويستمر الخط الأمريكي بالإعلان عن ضرورة التفاوض والحلول السياسية، كما أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، تعيين مايكل راتني مبعوثاً أمريكياً خاصاً جديداً إلى سوريا، خلفاً لـدانييل روبنستين، وأشار كيري في بيان صدر فجر الثلاثاء الماضي، إلى أن دور راتني في الملف السوري «سيكون حيوياً في مواجهة تحديات هائلة تفرضها أربع سنوات من المعاناة وسفك الدماء والدمار في سوريا».
وشدّد كيري على التزام بلاده بعملية «انتقال سياسي متفاوض عليها تُخرِج بشار الأسد، وتعمل على إنهاء التهديد المشترك للإرهاب عن طريق دعم المعارضة المعتدلة، والتعامل مع الكارثة الإنسانية وتأثيرها على الجوار السوري».
ربما جميع ما سبق هو ما دفع المعارضة بجناحيها، الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق، للإعلان عن خارطة طريقة بحسب وصفهم، ومطالبة رئيس الائتلاف خالد خوجا من بروكسل قوات الناتو بالعمل على توفير غطاء جوي لقوات المعارضة السورية التي تحقق اليوم تقدماً دون أي غطاء.