
راديو ألوان
تركت أهوال الحرب المستمرّة في سوريا منذ 6 سنوات ندوباً نفسيّةً مدمّرةً على سكان البلاد، لكنّ العاملين في مرفق الصّحة العقليّة الوحيد في شمال سوريا، حيثُ تسيطر المُعارضة، يبذلون قصارى جهدهم لمعالجة المتضرّرين.
في عيادة الأمراض العقليّة، شمال سوريا، يُشاهد المرضى الذكور برؤوسٍ حليقةٍ وأقدامٍ حافية، يجلسون في فناء المُستشفى، يرتدي بعضهم بدلات، وبعضهم قمصان "تي_شيرت"، وسراويل رياضية، أمّا في الطّابق الثاني من العيادة فقسم المرضى من النّساء، واللواتي يرتدين فساتين منقوشة وحُجُبٍ مُزركشة.
بعض المرضى يبتسم للزّوّار، وبعضهم يبكي، في حين أنّ آخرين يتسمّرون على أسرّتهم دون حراك، فضلاً عن وجود امرأةٍ مقيّدةٍ إلى إطار سرير.
طبيعة المرضى
ومن بين مرضى المُستشفى الكائن في مدينة "اعزاز"، شمال محافظة حلب، فتاةٌ يبلغ عمرها ١٧ عاماً، كانت قد تأذّت بشكلٍ شديد نتيجة النّزاع، إذ يقول أحد الأطباء في المُستشفى لوكالة "فرانس برس"، إنّ الفتاة "رأت طفلاً صغيراً قد قُتل، بينما كانت الحيوانات تأكل جثّته، كانت مصدومةً للغاية، وفقدت قدرتها على الكلام، والآن هي لا تقوى على النّوم أو تناول الطعام .. باتت تتجنّب الجميع".
وينحدر مريضٌ آخر من محافظة "الرّقة"، كان قد "عاد إلى منزله الذي تعرّض للقصف، ليعثر على جثث زوجته وأطفاله الستّة، فبات الرّجل يعاني من صعوبةٍ في النّوم، فضلاً عن كوابيس وهلوسات جرّاء تلك الذّكريات المؤلمة"، حسب ما قاله طبيب المُستشفى.
الكثير من الاضطرابات النفسيّة كانت الحرب مُسبّبُها المُباشر
يقول الطّبيب إنّ المصحَّ "استقبل مرضى اعتُقلوا إبّان الاحتجاجات السّلميّة في عام ٢٠١١، وقت كانت بداية الانتفاضة في سوريا، حيث تعرّضوا للتّعذيب والضرب، خاصّةً على الرّأس، فراحوا يعانون من مشاكل عقليّة".
ويضيف الطّبيب بأنّ المُستشفى "يشهد زيادةً في عدد الحالات التي يستقبلها، وخاصّةً الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطرابات التّكيف"، مشيراً إلى أنّ القلق المُستمرّ النّاجم عن القصف والعنف، اللذين لا هوادة فيهما، "ساهم في بروز عديدٍ من الحالات النّفسيّة".
ويروي الطّبيب أنّه "سأل أحد المرضى، ذات مرّةٍ، عن الانتحار، فأجاب بأنّه لا يُفكّر في ذلك، إلا أنّه أطلق النّار على نفسه بعد 15 يوماً".
مرضى مجهولو الأهل
من جانبها، قالت منصّة " "neoIRTالإخباريّة إنّ أحد العاملين في الطّاقم الطبي للمُستشفى "تواصل معهم، طالباً نشر صورةٍ جماعيّة للمرضى الذين لم يتمّ التّعرّف على ذويّهم من أهاليهم"، وذلك للمُساعدة في التّعرّف على هؤلاء المرضى.
ويواجه المستشفى نقصاً في الأدوية، ويتلقّى تبرّعاتٍ دوائيّة، بين الحين والآخر، من "منظّمة الصّحّة العالميّة"، ولكن غالباً ما يتمّ الاعتمادعلى أدويةٍ بديلة، تُشترى من السّوق المحلّيّة أو من تركيا المجاورة. في حين أنّ الفريق الطّبي في المستشفى يشكو من "تعبٍ نفسي"، كما أنّ بعضهم "انتقل للعيش خارج البلاد"، ما جعل المهمّة "أكثر صعوبةً على مَن بقي".
المصدر: وكالة الأنباء الفرنسيّة، ترجمة: منصّة " "neoIRT