ريف إدلب| مخاطر طبية واجتماعية تسببها صيدليات مخالفة

ريف إدلب| مخاطر طبية واجتماعية تسببها صيدليات مخالفة

 


تتوسع رقعة الصيدليات غير المرخصة في ريف إدلب يوماً بعد يوم، الأمر المؤدي إلى مشكلات كبيرة بعضها له جانبٌ اجتماعي خطيرٌ كالإدمان على المواد المخدرة والمسكّنة، فضلاً عن الجانب الطبي، وكثيراً ما يدير تلك الصيدليات أشخاص غير مختصين، كما لا يبدو أن عملها خاضعٌ للرقابة.



"خمسةٌ وعشرون بالمئة فقط من مجمل الصيدليات في الريف الإدلبي مرخصة وتعمل حسب القوانين المعتمدة، غير أن النسبة الأكبر لا تلتزم بالموصفات المسموح بها"؛ نسبةٌ بدأ بها أحد الصيادلة المجازين حديثه، مضيفاً أن صرف الأدوية بدونِ وصفةٍ طبية، وبيع عقاقيرَ تحوي موادَ مُخدرة لا تستخدم إلا في حالاتٍ استثنائيةٍ، يساعدُ في انتشار ظاهرة الإدمان، خاصة أن أسعار تلك الأدوية منخفضة ولا تتعدى 250 ليرة سورية، فضلاً عن توافرها بكثرة.


الإفراطُ في تناول الأدوية المسكنة، كالترامادول، والبروفين، من قبلِ أشخاصٍ يجهلونَ المضاعفات التي تسببها، ناتجٌ غالباً عن عدم رغبتهم بمراجعة طبيب مختص لأسباب مادية. ويرى المُجاز أن الحلَ الأنجع للحدِ من انتشارِ الأدوية المُخدرة، هو الرجوعُ إلى الطبيب ليشرفَ على تشخيصِ المرض، وإلى صيدلانيّ يحمل شهادة جامعية، ووضعِ سجلاتٍ بأسماء الأدوية في كل صيدلية، ومطابقتها مع الوصفات التي تُصرف.


كما دعا الصيدلانيّ إلى "رقابةٍ حصرية من مديريات الصحة الحرة، بسببِ عدمِ تمكن المجالسِ المحلية من ضبطِ افتتاحِ الصيدليات وبيعها الأدوية"، معتبراً أنه لا ضيرَ في استخدام بعض الأدوية منتهيةِ الصلاحية كخافضات الحرارة، مُحذراً في الوقت نفسه من بعضها الآخر، "مثل التتراسيكلينات، التي تسبب متلازمة فانكوني، والتي ينتجُ عنها حُصيّاتٍ بولية في المثانة والكلى".


يساهمُ انفتاحُ السوقِ المحلية على معابرَ حدودية لا تخضعُ لرقابة كافية في إدخال كميات كبيرة من مختلف أصنافَ الأدوية، ووضعها في الاستهلاك، دونَ معرفةِ ماهيّتها، والمواد المُركِبة لها.


يقول السيد حازم الكامل، وهو موزعُ أدويةٍ في ريف إدلب، إنَّ ما ذُكر أعلاه دفعَ وزارة الصحة التابعةِ للحكومة السورية المؤقتة إلى فرضِ قوانينَ صارمة على استيرادِ الأودية، وإخضاعها للتحليل والتأّكد منها قبل الاستعمال، كما طلبت الوزارة رخصةً للمستودعات، وأوجبت إشرافِ طبيبٍ أو صيدلانيّ عليها.


إجراءاتٌ قانوينة بدأت مديرية صحة إدلب الحرة في الآونة الأخيرة بتطبيقها، حيث وجهت في الثاني والعشرين من تشرين الأول الفائت إنذاراً لكافة الصيدليات والمستودعات المخالفة في إدلب وريفها، وأمهلت أصحابها مدة خمسة عشر يوماً لإصدار التراخيص المطلوبة، تحت طائلة الغرامة المالية ومنع مزاولة المهنة.


لكن ما يزيدُ المشهدَ تعقيداً، هو تناقصُ أعدادِ الخريجينَ الجُدد من كلياتِ الصيدلة، خاصةً في السنوات الثلاث الماضية، الأمرُ الذي شجّع أصحابَ مهنٍ لها علاقةٌ بالطب، كالمعالجيينَ الفيزيائيين، إلى فتح صيدليات دون إدراك حجم المعرفة التي ينبغي أني يحملها الصيدلاني، خاصة مع تشابه أسماءِ وتركيب بعض الأدوية.


ويعودُ حازم الكامل ليضربَ مثالاً على ذلك، بالقول: "إن إحدى النساء دخلت صيدلية وطلبت مرهماً لعينها التي أصابتها جرثومةٌ ما، فأعطاها الصيدلاني علاجاً مغايراً تماماً، ما أسفر عن إحداث مضاعفات لعين المرأة، وكادت أن تفقدها بسبب هذا الخطأ الفادح".


ويختم الكامل حديثه بالقول: "هناك أدوية خطيرة لا مجال للتلاعب بتواريخ صلاحيتها ولو ساعة واحدة، مثل أدوية القلب والسرطانات وهي أدوية حساسة جداً". إذاً لا مجال للتكهن فيما إذا كان الدواء للمرض المشخص أم لا في كثيرٍ من الأحيان، وحياة المرضى في بعض الأحيان تكون مرهونة بنوعية الدواء.


بالرغمِ من عدمِ وجود إحصائيةٍ دقيقةٍ لعدد الصيدليات غيرِ المرخصة في مناطقِ المعارضة، إلا أنَ دائرةَ انتشارها تتسعُ مع مرورِكل يوم كبقعة الزيت، وتضيفُ شكلاً من أشكالِ المعاناة والخطر الذي يُقاسيه السوريون في مناطقهم، بعد أن كانت معاملهم تنتج ثلاثة وتسعين بالمئة من حاجة السوق المحلية، ناهيك عن تصدير الدواء إلى ستة وخمسين دولة في العالم.


.نبيل السوسي

 

 
استمع للمزيد من الشهادات الحية حول الموضوع استعرضتها ألوان محلية:

https://soundcloud.com/radioalwan/jkhjhgkjghkh

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +