كيف نصبح عنيفين!.. كلّنا ضُربنا، وكلُّنا ضاربين

كيف نصبح عنيفين!.. كلّنا ضُربنا، وكلُّنا ضاربين

راديو ألوان - صح اللون

هل تعتقد أنّ ما تعرّضت له في طفولتك، أو في سنّ المراهقة من عنفٍ جسديٍّ ولفظي أمرٌ يستدعي البسمة والمزاح، بدلاُ من التّفكير فيه ومحاولة فهمه؟ علماء النفس يختلفون معك، ويرون أيّ عنفٍ مهما بدا عابراً وسواء كان جسديّاً أم لفظيّاً، سيرافقك كلّ حياتك.


العنف ليس فقط أن تُضرب في الطّفولة، مثلاً، من أحد والديك، الضّرب هو أحد أشكال العنف، فالاعتداء بالّلفظ والنّعت والسّخرية، كلّها أنواعٌ وأشكالٌ من العنف الذي يُمارس علينا، ويترك فينا آثاراً عميقة.

أقسى أنواع العنف التي قد يتعرّض لها أيّ طفل، هي تلك التي يراها بأمّ عينه، فحين يعتدي والدٌ على زوجته أمام أطفاله وبشكلٍ دائمٍ، بالضّرب والشّتم والإهانة، يسجّل عقل الطفل، أكبر قدرٍ من الكبت والألم الذي قد يشهده على الإطلاق.

الأسباب الأولى

أسبابٌ اجتماعيّة تبدأ من نشأة الطّفل وأسلوب التّربية والاهتمام به، مروراً بالتّفرقة في المعاملة والتّمييز بين الإخوة، والأخوات، والأبناء بشكلٍ عام، وتشجيع سلوكيّات العنف والحثّ عليها بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، وكثرة الخلافات بين الزّوجين والتّهديد المستمرّ بالانفصال أو حتّى الانفصال الفعلي.

أسبابٌ اقتصاديّة هي تلك التي نلاحظ وجودها بشكلٍ أكبر في الأسر المكتظّة بعدد أفرادها في ظلّ سكنٍ صغيرٍ لا يكاد يتّسع، إذ لا يستطيع ربُّ الأسرة سدّ حاجة أفرادها ومتطلباتهم بسبب الدخل المتدني، فيلجأ أفراد الأسرة إلى السّلوك العنيف لحلّ مشكلاتهم.

أسبابٌ سياسيّة، سواء كان ذلك في البلدان التي تتعرّض للاحتلال، أو التي تُمارس فيها سياسة الاضطهاد السّياسيّ من قبل حكومات هذه البلدان المستبدّة، إذ يُلاحظ أن كثيراً ممّن مورس بحقّهم التّعذيب والاضطهاد السّياسيّ من قبل حكوماتِهم، أو حكومة الاحتلال في السّجون وغير السّجون، عادةً ما يتعرّضون لصدمةٍ نفسيّة تؤثّر على سلوكهم الفرديّ والاجتماعيّ تجاه الآخرين، ويلجأوا إلى العنف كوسيلةٍ لحلّ مشكلاتهم.

الأسباب الثّقافيّة عادةً ما تكون مرتبطةً بالإعلام، وكيفية توجيهه لعقول المتابعين والجمهور، وعوامل أخرى مثل الحسد، وعدم القناعة، والكراهية، والغيرة، وضعف دور الأديان، والوازع الدّيني في توجيه فكر الأفراد.

النّساء هنّ الضّحيّة الأكبر

تعاني النّساء في عالمنا العربيّ من كلّ أشكال العنف الأُسريّ الذي يخطر على بال، من الجسديّ إلى الّلفظيّ، وحتى الجنسي. تعيش آلافٌ من النّساء في العالم العربيّ في ظروف اضطهادٍ يومي، تقول مراكز الأبحاث العربية، إنّ المشكلة لا تتوقف هنا، بل تصل إلى أنّ معظم المُتعرّضات للعنف، يعتبرن الأمر عاديّاً وطبيعيّاً في المجتمعات العربيّة التي تتوارث اضطهاد المرأة.

في عددٍ من البلدان العربيّة، بدأت تظهر في السّنوات الماضية، مراكز لحماية النّساء المُعنّفات، في دمشق تمّ افتتاح مركزٍ كان يُراعي السّرّيّة المطلقة، تلجأ إليه النّساء اللواتي تعرّضن للعنف من أزواجهنّ بشكلٍ مستمر، وتُقدَّمُ لهنّ الرّعاية، وتؤمّن فرص العمل والسّكن لهنّ لاحقاً، فضلاً عن الرّعاية القانونيّة والصّحيّة.

وتشير أرقام المركز الى تعرّض عددٍ كبيرٍ من النّساء إلى عنفٍ من قِبَل أزواجهنّ، وعلى مدار سنوات، فيما يرفض المجتمع أن يساند المرأة أو يقف معها، ويرى أنّها مُلامةٌ إذا ما احتجّت على ضرب زوجِها لها مثلاً.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +