من لا يفهم من، الجمهور أم الفنانين التشكيليين

من لا يفهم من، الجمهور أم الفنانين التشكيليين

راديو ألوان – صح اللون

 كتير ما نسمع أن لوحة ما قد بيعت بملايين من الدولارت، رغم اننا حين نشاهد صورة لها، لا نعرف مالذي جعلها مميزة الى هذا الحد كي تباع لقاء مبالغ هي ثروات كاملة، وضعت مقابل لوحة لا نفهمها جميعاً، فيما ينبري  المدفعون عن الفن التشكيلي إلى القول، أن المشكلة فينا حين لا ندرك اهمية اللوحة، ليست قيمتها المادية فقط بل أيضاَ، تلك الفنية التي يجب أن نراعيها، حين النظر إلى الأعمال الفنية .


 قراءة اللوحة

مبدئياً، اللوحة لا تقرأ، ولا يجب التعامل مع اللوحة وكأنها كتاب بفصول ومقاطع وجمل واحداث متتابعة، فاللغة البصرية لها مفرداتها الأكثر بساطة وتعقيداً من ذلك، إذ من المفترض أن نتعامل مع الفن التشكيلي، وفق معاييرنا الذاتبة المكتسبة من ثقافتنا البصرية التي راكمناها على مدار سنوات.

الفن، كل الفن، لا يعطي حقائق رياضية منتهية لا تقبل الجدل، على العكس، الفن من وجه نظر صناعه، هو وجة نظر في الحياة، وبالتالي من حق المتلقي أن يكون وحهة نظره الخاصة تجاه المنتج الفني الذي هو بصدد تقيمه.

لا يمكن أن نتعامل مع الفنون البصرية إلا من خلال المشاعر التي تتركها فينا حين نتذوقها، كالموسيقى، يجب التعامل مع المنتج الفني، كمادة تخاطب مشاعرنا وتحرك عوالم داخلية فينا، من خلال طرق تعبير خاصة لا يمتلكها إلا الفنانون.

التطرف الفني

مع ذلك، لا يمكن القول إن المشكلة كاملة توجد لدى المتلقي فقط، بالفنانون أيضاَ لهم شطحاتهم التي تجعل من الصعب حتى على المختصين أحياناً، أن يفهموها ويحللوها، ويصلوا الى استنتاج واحد عنها.

الاتجاهات التجريدية وما بعد الحداثة في الفن المعاصر، باتت متطرفة إلى حد لا يمكن معه اعتبار كل ما ينتج هو فن بالمفهوم التقليدي للمصطلح، فنانو أوروبا ذهبوا إلى انتجات يختلط فيه المسرح مع العلم مروراً بالذاتية المطلقة والتجريب، وانتهاء بتسويق الغريب الذي يجذب الاهتمام العالم، بدلاً من استخدام تقنيات الفن التي تعرفها البشرية منذ اكتشافها للون والخط.

بيكاسو رائد السوق

10001068

تمكن بيكاسو، أو ربما مُكن، من جعل الفن جزءاً من عجلة رأس المال، التي لا تراعي القيمة الحقيقة للمنتجات بقدر ما تهتم بتحقيق أكبر أرباح ممكنة، الفنان الاسباني كان أول من اكتشب شهرة عالمية جعلت الطلب على اسمه عادة اجتماعية لدى محبي الفن، الذي لم يفهوا لوحاته ولم يحبوها احياناً، لكنهم اقتنوها لأن اسم صاحبها بات رائجاً ولامعاً في كل العالم.

وصل الأمر ببيكاسو، أن يبيع توقعيه فقط في أحد المرات، وكان يكفي وجود توقيعه على قماش مشدود معد للرسم، عليه خط واحد مرسوم بالرصاص، كي تباع اللوجة بمبلغ لا يزال حلم لكثير من فناني العالم، بعد بيكاسو بات مصطلح مثل سوق الفن، رائجاً وسيداً، وبات على كل فنان في العالم، أن يخضع لشروط العرض والطلب.

دالي السوريالي الدائم

212

لا يختلف دالي عن بيكاسو بالكثير، فالأخير لم يترك لوحته وحيدة في الصالات والمزادات، بل مهد له بقصصه الشخصية وطريقة حياته، وصوره وتعليقاته ونصوصه، أثار الجدل في كل مما فعله فباتت اللوحة القيمة اصلاً، ذات قيمة اكبر، وفي السوق، بات لدالي اسم لا يمكن تجاوزه، وخلف اللوجة المرسومة بالزيت، اشترى المقتنون جزءاً من حكاية سلفادور دالي، والغرائبية التي كان يعيش فيها.

في سوريا، لم يعرف الفن التشكيلي الوليد في البلاد، تطرفاً مبالغاً فيه، قلة من فناني سوريا، خروج عن النص الفني التقليدي لصالح تجارب أكثر حداثة، ولا يمكن القول إن هذا يحسب للفن التشكيلي السوري، أم يحسب عليه، فالجدل قائم دائماً حول أيهما أفضل، أن تواكب أخر صيحات العالم الفنية، أم تحافظ على علاقة بالجمهور المحلي محدود الثقافة الفنية التشكيلية.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +