تلفزيون الواقع: بين ثوراتٍ عربيّة وعالمٍ مسروق

تلفزيون الواقع: بين ثوراتٍ عربيّة وعالمٍ مسروق

راديو ألوان - صح اللون 

لم يقتصر نقد تلفزيون الواقع على المقالات والصّحف اليوميّة، بل تعدّاه حتّى وصل إلى دور النّشر ومراكز الأبحاث والدّراسات التي خصّصت نتاجاتٍ تحاول فكّ رموز الظّاهرة الاستهلاكيّة التي غزت العالم منذ العُشر الأوّل من القرن الحالي، والتي يبدو أنّها مستمرّة لسنواتٍ قادمة، في أكثر حالات التّلفزيون هشاشة في موضوعها، وتحقيقاً للأرباح في عائداتها.

في عَمّان، أصدرت الكاتبة "سماح القاضي" كتاباً حمل اسم "تلفزيون الواقع وثقافة الاستهلاك التّلفزيوني"، في أكثر من 200 صفحة ناقشت فيها تأثير تلفزيون الواقع على المشاهد العربيّ، الذي باتت الشّاشة العربيّة تقدّم له صوراً مختلفة عن الواقع الذي يعيش فيه حدّ التّناقض، لكنّه لا زال يتابعها بشغف ومراقبة، كما تشير أرقام المشاهدات لدى القنوات التي تبنّت هذا النّوع من البثّ التلفزيوني.

عرف العالم العربي انتاج "ستار أكاديمي" على عدّة مواسم، وهو النّسخة العربيّة من البرنامج الفرنسي الذي يحمل ذات الاسم، برنامج تمّ نقله حرفيّاً من النّسخة الأوروبيّة إلى العالم العربي، مع مراعاةِ بعضِ التّفاصيل التي يختصّ بها بها العالم العربي، فلا مشاهد ساخنة كثيراً، ولا عبارات خارجة عن الآداب العامّة.

مع هذا، فإنّ ما قدّمه البرنامج الذي خُصّصت له قناةٌ تلفزيونيّة تبثّ على مدار السّاعة، نقل مشاهد رأى كثيرون أنّها لا تليق بالمجتمع العربي الذي يُعتبر محافظاً بشكلٍ عام.

وتقول دراساتٌ عربيّة إنّ المراهقين "هم أكثر من يتابع هذا النّوع من البرامج، فمع كل السّحر الذي تقدّمه الشّاشة من انفتاحٍ وعلاقاتٍ وموسيقى وغناء، يجد المراهق العربيّ نفسه أمام حياةٍ يتمنّاها دون أن يكون قادراً على الوصول إليها يوماً ما".

هجومٌ صحفيٌّ لا يتوقّف

لم تتوّقف الصّحافة العربيّة، بالذّات تلك التي تُعنى بأخبار النّجوم والمشاهير عن انتقاد جميع برامج تلفزيون الواقع، ورغم أنّها كالت لها الكثير من الاتّهامات، إلّا أنّ الانتاج لم يتوقّف، بل على العكس، ازداد عدد المشاهدات بشكل مطّرد خلال سنواتٍ عدّة، حتى أنّ كلّ ما عرفه العالم العربي من صراعات خلال سنواتٍ خلت، لم يوقف البث ولم يُوقف مُتابعة  المشاهدين العرب لهذه البرامج.

الثّورة هي الواقع

في بلدان الرّبيع العربي، بالذّات مصر وسوريا، كان ما يُبَثّ عبر وسائل الإعلام التّقليديّة ومواقع التّواصل الاجتماعيّ أو الإعلام الجديد، يحلّ الكثير من مقوّمات تلفزيون الواقع، مشاهد مباشرة وحقيقة غير متوقّعة، كاميرات تبثّ الحدث على مدار أربعٍ وعشرين ساعة يوميّاً، لا دور لمخرجين أو كتّاب، فيما الجمهور هو نفسه النّجم، هو الحدث وصانع الحدث ومُتابع الحدث أيضاً.

الواقع السّوري

في الحالة السّوريّة، تمكّن ناشطون من تحقيق النّقل المباشر لكلّ العالم، وإن لم يكن عبر شاشاتٍ تقليديّة، قبل أن تدخل القنوات التلفزيونيّة على الخط، وتستثمر في الحالة السّوريّة بما فيها من مأساةٍ إنسانيّة، إلى مادّةٍ تستثمر فيها قنواتٌ تلفزيونيّة عالميّة.

التلفزيون الاسترالي " أس بي أس" وخلال عام 2015، قدّم واحداً من أخطر برامج تلفزيون الواقع إثارةَ للجدل، حيث نقل مُشاركين إلى الأرض السّوريّة، وجعلهم يشاركون في عمليّات قتاليّة إلى جانب القوّات الكرديّة، ضدّ تنظيم الدّولة الإسلاميّة،(داعش)، مؤكّداً أنّ أقصى درجات الأمان تمّ تحقيقها في ظروف البثّ والنّقل المباشر، فيما تعالت الأصوات التي تنتقد الفكرة برمّتها، من باب سلامة المشاركين والطّاقم.

لم يلتفت أحدٌ إلى الاستثمار التّجاريّ الرّخيص في الدّماء السّوريّة، والتي حوّلها القائمون على القناة، إلى ملعب من الممكن أن يتمّ فيه عرض منتجاتٍ تجاريّة وبيعها لجمهورٍ يراقب سوريا برمّتها، على أنّها عرضٌ تلفزيونيٌّ شيّق.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +