ماتريوشكا بأسنان حادّة

ماتريوشكا بأسنان حادّة


يمتلك السوريون اليوم، بعد أن جاءت الماترويشكا الروسية بأكملها إلى سوريا، ترف فتح اللعب المتعددة التي تنام في جوف بعضها البعض واحدة واحدة، اللعبة الأولى: الذهول الأمريكي السافل المتعمد، والثانية الوجه الروسي الحقيقي الذي يشبه السياسة التي نفضلها جميعاً «سياسة الحرب الباردة واضحة المعالم التي تنتهجها روسيا دون تجميل وتسويق أمريكي على غرار الإعلانات التسويقية المملة»، والثالثة الجليد الروسي نفسه غير القابل للذوبان على شواطئ البحر المتوسط الدافئة، والرابعة بوتين نفسه والإرث الامبراطوري للاتحاد السوفييتي، واللعبة الأخيرة الأصغر والتي لا تقبل القسمة على سوريا، بشار الأسد ولا أحد غيره.


ماذا لو قمنا في سوريا بحملة مشابهة للحملة التي بدأت في أوكرانيا في عام 2013 والتي تُستخدم فيها صورة ماتريوشكا المنمنمة الضارية ذات الأسنان الكبيرة الحادة في المنشورات والملصقات واللافتات في أوكرانيا في حملة "لا تشتر البضائع الروسية!.


أو حملة مشابهة لتلك الحملة التي جاءت مع بداية أزمة القرم والتدخل العسكري لروسيا في أوكرانيا في 2014 حيث أُضيفت صور الملابس المموهة والأسلحة إلى صور لعبة ماتريوشكا، لتستعمل الصور في تلك اللعبة كرمز لحملة مقاطعة الأفلام الروسية.



مجرد فكرة ذكية وأصيلة أخرى تضاف إلى القائمة الطويلة من الأفكار العظيمة التي تفتقت عنها أذهان المعارضين والناشطين في جميع أنحاء العالم في سبيل قضاياهم العادلة. بينما نشهد في أداء معارضتنا وناشطينا كسلاً ذهنياً مدوياً يمكن تبريره بألف سبب وسبب، ولكن لا يمكن المسامحة فيه أبداً.


عرض مخرج سوري أثناء الألعاب الأولمبية فكرة مذهلة برأيي تقوم على إرسال أطفال صغار إلى الألعاب الأولمبية ليحملوا علم الثورة السورية في مدرجات الملاعب للاستفادة من التغطية الإعلامية الهائلة التي تحظى بها مثل هذه المناسبات عادة. وكالعادة تبخرت الفكرة في سماء فيسبوك الزرقاء وسماء الغرف المكتظة بدخان السجائر.


كان على السوريين أن يقدموا طفلاً ينام على بطنه ووجهه في الرمل، طفل من شرايين ولحم ودم وروح، لينظر العالم إلى مأساتهم الإنسانية وليتحرك الرأي العام الدولي لتخفيف أعباء الهجرة غير الشرعية قليلاً على المهاجرين.


أعرف قبل غيري وبدقة أن هذه الحملات لن توقف عدواناً ولن ترفع الحيف عن عائلة ولن تنقذ امرأة من طائرة مغتصبة، ولكن أضعف الإيمان دائماً مطلوب.


 لا بد من توثيق الانتهاكات تاريخياً برموز تضع بصمتها على التاريخ، ليعرف القاصي والداني وأبناء الحياة القادمين على هذه الأرض «إذا ما كان ثمة من حياة قادمة» ما حصل في يوم ما، لا يمكن أن نعول دائماً على العجوز الحكيم الذي يدعو نفسه التاريخ في توثيق ألمنا. فما أسهل أن يتغاضى هذه الشيخ الذي يعود إلى صباه الفطري الغريزي في كل أزمة عن 250 ألف إنسان ماتوا في أزمة ما، في بلد صغير في الشرق الأوسط في فترة ما من القرن الحادي والعشرين، بين اجتماعين أو ثلاثة سريعين في دافوس للعمالقة الاقتصاديين، في الحقبة نفسها التي ظهرت فيها ليدي غاغا والكاميرا الطائرة المرتبطة بجهاز الأيفون، ورقاقة «إيشور» التي تغلق قناة فالوب لتحديد النسل، والكائنات الفضائية التي لم تبن أية أهرام حتى الآن سوى أهرامات الحقد والضغينة والظلم بتأييدها الأعمى للقتلة والسفاحين الذين تخبئهم كرة الماتريوشكا الأرضية السافلة في جوفها والذين يعيشون بهدوء هناك إلى جانب الشياطين والحمم البركانية وعفاريت العالم السفلي ضاحكين من دمائنا وضحايانا وأحلامنا التي لن تتحقق يوماً سوى في الروايات والأفلام وورشات الإن جي أوز العامرة بالأحلام اللايت الخبيثة.


لا أنصح روسيا طبعاً بالتجرؤ على تقشير نفسها بالطبع لعبة لعبة كيلا يظهر... الرعب... الرعب... الذي صرخ به كيرتز يوماً قبل أن يمضي إلى العالم السفلي.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +