دمشق، موالية ومعارضة، ونازحة

دمشق، موالية ومعارضة، ونازحة

راديو ألوان- صح اللون

مع انقلاب عام 63 في سوريا، ووصول حزب البعث الى سدة الحكم في البلاد، اشتكى نبلاء دمشق وعلية القوم فيها مما سموه آن ذاك بزحف الريف السوري إليها، الطبقة الدمشقية البرجوازية، انتقت العدد الكبير من الواصلين الجدد إلى العاصمة، التي باتت عاصمة لجمهورية حديثة الولادة.

نزوح دمشق

عناصر الجيش من أرياف الساحل السوري والمناطق الشرقية والشمالية الشرقية، البعيدون جغرافياً على العاصمة، سكنوا رويداً رويداً ضمن أحيائها المتوسطة، قبل أن تظهر أحياء جديدة في محيط دمشق، ارتبطت بمؤسسات الجيش والدولة، بقيت دمشق القديمة التي سكنها الدمشقيون لمئات السنين، تحمل طابعاها الخاص، لكن هذا ما لبث أن تغير.

مع التقلبات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي عرفتها سوريا منذ مطلع السبعينات، امتدت مساحة العاصمة أفقياً، واختلطت كثيرا من احياءها مع الريف، لياتي الكساد الاقتصادي في الثمانينات من القرن الماضي، على الطبقة الوسطى من الدمشقيين التي خسرت كثيراً من فرصها للبقاء في العاصمة.

منذ التسعينات، نزح الدمشقيون من العاصمة إلى أريافها، فسكنوا الأحياء الجديدة في حرستا ودوما وسقبا وحمورية وكفربطنا وداريا، راغبين في منازل أوسع حتى لو كانت بعيدة عن المدينة القديمة التي لا تزال اسماء احيائها مرتبطة بثقافتهم، فالواحد منهم لا يزال يُعرف عن نفسه كشاغوري أو ميداني حتى اليوم، رغم أن جده هو من سكن تلك الاحياء وليس هو.

لم يعد سكان دمشق من "الشوام" كما يحلو لأهلها وصف أنفسهم، بات المدينة كأي عاصمة في الدنيا، ملتقى لكل أبناء المدن من أقصى البلاد إلى أقصاها، يسكنها العسكر العمال والفلاحون والبرجوازيون والأثرياء والفقراء.

دمشق لا تثور

اتهمت دمشق من قبل سوريين كثر، بأنها مدينة موالية للنظام، أو خائفة من الثورة في أحسن تقدير، فلم تعرف المدينة قياسا بغيرها من المدن السورية، مظاهرات حاشدة، أو حتى اضرابات كبيرة، في زمن الحراك السملي السوري، إلا أن القراءة السريعة للحدث في دمشق، لا تعطي المدينة حقها، وتظلمها في التوصيف السياسي لسكانها.

يقول الصحفي رائد الصالحاني الذي يدير موقع صوت العاصمة، إن القبضة الأمنية التي احكمها النظام على العاصمة لم يكن لها مثيل في كل المدن السورية، فهو يعلم أهمية العاصمة سياسياً وإدراياً واقتصادياً، ويذكر أن عدد الحواجز الأمنية التي نشرها النظام في العاصمة وصل إلى أكثر من 280 حاجزاً، تتبع لمختلف أفرع المخابرات في البلاد.

لا يمكن وصف دمشق بصبغة سياسية واحدة، فهي ليست موالية وليست معارضة، مثلها مثل بقية المدن في سوريا، وإن كان يغلب عليها بحسب رأي الصالحاني، طابع عدم الدمار أو الأذى، فإن ذلك لا يعني أنها لم تدفع بسكانها حصتها من الألم السوري.

يذهب ورد اليافي، الناشط الإعلامي، إلى أن دمشق تعرضت لعميات قصف عشوائية من فصائل المعارضة في الغوطة، والتي لا يمكن أن تبرر طالما إنها تستهدف المدنيين السوريين، ويعتبر أن فصائل المعارضة لم تتمكن من إلحاق إذى مباشر بالنظام، من خلال عمليات القصف التي شنتها العاصمة.

استمع لنقاش حول دمشق

https://soundcloud.com/user-383326285/dddd

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +