نجوم وأضواء

نجوم وأضواء

يقول الإيطاليون: تستطيع أن تغير دينك، جنسيتك، شريكك، سكنك، أو حتى جنسك، لكنك لا تستطيع تغيير فريقك المفضل في كرة القدم.


بالنسبة لجيلي الذي بدأ يتابع الكرة بشغف في الثمانينات، كان الدوري الإيطالي هو جنة البطولات الكروية الذي كان يجمع كل أساطير الكرة: بلاتيني الفرنسي وبونييك البولندي في يوفنتوس، مارادونا الأرجنتيني في نابولي، نجوم البرازيل زيكو في أودينيزي، سقراطس في فيورنتينا وفالكاو في روما.


لكن جيلي لم يستطع متابعة هؤلاء النجوم كما يتابع جيل اليوم ميسي ورونالدو، في عصر الفضائيات والإنترنت والخليوي. لم تكن متوافرة آنذاك، وكانت الصحافة المكتوبة هي وسيلتنا المتاحة لمتابعة نجومنا، لا سيما مجلة الصقر الرياضي القطرية، التي كنا نشتريها بثمن زهيد (3 ل.س. فقط.) ونقرأ الأخبار الرياضية، واللقاءات مع أهم النجوم بشغف كبير، وكان من دواعي ابتهاجنا أن يُطرح على هؤلاء النجوم سؤالٌ عن رأيهم بالكرة العربية ونجومها كرابح مادجر والأخضر بللومي مثلاً. فضلاً عن البوستر الملحق بكل عدد، والذي يتضمن صورة عملاقة لنجم مشهور. وكان قص الصور الملونة من المجلة ولصقها على دفاتر، مرفقة بعناوين وتبويبات من اختيارنا، هو تجربتنا الإعلامية الأولى.


شيئًا فشيئًا تحررنا من هيمنة التلفزيون السوري الذي كان يمنّ علينا كل فترة بعرض مباراة أوروبية، نشاهدها وفي أذهاننا معلومات وتحليلات كتّاب الصقر حول اللاعبين وخطط المدربين. عندما بدأت محطات التلفزة اللبنانية، لا سيّما المؤسسة اللبنانية للإرسال (ال.بي.سي) بالبث الأرضي الذي التقطته هوائيات التلفزة في الساحل السوري، صارت من متع الحياة لدينا مشاهدة المباريات مباشرةً، بل وأصبح بإمكاننا معرفة كل نتائج مباريات الدوري الأوروبي في الأحد نفسه الذي تجري فيه تلك المباراة، مع مشاهدة كل الأهداف وأهم اللقطات، عبر ملخص الدوريات الأوروبي «إيكيب دو ديمانش»، وهو برنامج رياضي فرنسي شهير كان تنقله لنا الـ «ال بي سي» مباشرة.


أما المحافظات الأخرى التي لم يحالفها الحظ في التقاط البث الخارجي، اللبناني أو التركي، فكان عليهم الانتظار تسعة أيام للمشاهدة، وهو الوقت الذي يحتاجه القسم الرياضي في التلفزيون السوري لتجهيز وإعداد مواد حلقة «الثلاثاء الرياضي».


وغالباً ما كانت الفقرة الرياضية منقوصة، حيث كنا نسمع المذيع وجيه شويكي وهو يعتذر بعبارته الشهيرة «أدركنا الوقت»، ويوقف البرنامج لعرض نشرة اخبار الثامنة والنصف. سنوات مرت والوقت «يدرك» البرنامج دون أن يفطن المسؤولين عنه إلى إمكانية نقل الفقرة الكروية من ختام البرنامج إلى مقدمته، تلك المقدمة التي كانت محجوزة للسباحة الإيقاعية أو الجمباز الإيقاعي، حتى صرنا نخالها ثابتة من الثوابت المقدسة في البلد يومها.


بعد المحطات اللبنانية، ظهر الدش وعصر القنوات الفضائية، ثم الإنترنت وروابط النقل المباشر، بالإضافة للقنوات الرياضية التخصصية، وأشهرها الجزيرة الرياضية التي غيرت اسمها لاحقاً ليصبح «بين سبورت»، والتي ضمت قدامى المحررين في مجلة الصقر الرياضي كسعد الرميحي والسوري أيمن جادة، لتستكمل بها قطر ريادتها الإعلامية.


اليوم، ومع كل هذه الطفرة الإعلامية ووفرة المصادر، لا تبدو الصورة مختلفةً عن جيلنا أو حتى الأجيال السابقة، فمتابعة المباراة الهامة بذلك الشغف والتحدي والرهان هو هو، سواء كان عبر شاشة جهاز السيرونيكس المحدب ذو ال 29 بوصة كحد أقصى، عبر بث أرضي، أو عبر شاشات عملاقة ومسطحة وبث رقمي ذو جودة قصوى. ما تغير هو فقط اسماء النجوم من جيل لجيل، لكن الأندية بقيت نفسها، وهكذا قد يحضر الكلاسيكو جدٌّ وابنهُ وحفيدهُ يشجعون برشلونة أو الريال ويحمل كل منهم صورًا وذكرياتٍ خاصة بجيله، كأن يحدثك الجد عن شوستر والإبن عن ستويشكوف والحفيد عن ميسي بقميص البرشا.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +