الكلاسيكو الذي لم يُلعب... مرتين

الكلاسيكو الذي لم يُلعب... مرتين

في قلب كل برشلوني عتيق -ككاتب هذه السطور- مكانٌ محفوظ لنادٍ اسمه تينيريفي، ينتمي لمدينة بالاسم نفسه في جزر الكناري، ولم يعد له مكانٌ في الدرجة الأولى من الدوري الإسباني منذ سنوات عديدة. في الإليودورو رودريغث، ملعب النادي، لُعِبَ الكلاسيكو مرتين دون أن يُدرج في جداول نتائج مباريات ريال مدريد وبرشلونة التاريخية، التي يمكن الوصول إليها بسهولة على مواقع الإنترنت، بل ودون أن يكون برشلونة موجوداً أيضاً، رغم أنه كان حاضراً أكثر حتى من كل المرات التي لعب فيها على أرض هذا الملعب.


في بطولة ١٩٩١-١٩٩٢ كان التنافس بين ريال مدريد وبرشلونة، كالعادة، على أشده. يوهان كرويف الأسطوري (الذي أُعلن عن إصابته بالسرطان قبل أسابيع قليلة) كانَ يتربع على عرش تدريب النادي الكتلاني، قائداً لاعبينَ أسطوريين مثل بيب غوارديولا ومايكل لاودروب وهريستو ستويتشكوف وميغيل آنخيل نادال (عم رافائيل نادال، نجم التنس الإسباني)، فيما كان ريال مدريد قد بدّل مدرّبه الكرواتي رادومير أنتيك في الأسبوع التاسع عشر، حين كان ثالثاً في ترتيب الدوري، وجاء بهولندي يدعى ليو بينهاكر ليتولى طريق بوتراغينيو وجورج (جيكا) هاجي وفرناندو هييرو وميتشل نحو بطولة الدوري. استعاد ريال مدريد الصدارة قبل نهاية الدوري ببضعة أسابيع، متفوقاً على برشلونة -المشغول حينها بطريقه نحو نهائي كأس أوروبا (الاسم السابق لدوري أبطال أوروبا الحالي) في ويمبلي ضد سامبدوريا- بنقطة واحدة فقط.


في السادس من حزيران ١٩٩٢، وبعد هدف أحرزه كومان من ضربة حرّة مباشرة، رفع برشلونة أول كؤوسه الأوروبية في العاصمة البريطانية.


بعدها بأقل أسبوعين، في الأسبوع الثامن والثلاثين من الدوري، أي الأخير، كان كل شيء مؤهلاً لأن يحتفل ريال مدريد ببطولة الدوري، فهو متفوق على برشلونة بنقطة، ويكفيه الفوز على فريق مغمور كتينيريفي، يقوده خورخي بالدانو، اللاعب الأرجنتيني الشهير في الثمانينات، والذي كان يخوض أولى تجاربه كمدرب في فريق تعاقد معه قبل ثمانية أسابيع من نهاية الدوري لمحاولة النجاة من الهبوط إلى الدرجة الثانية. نجح بالدانو بتجنّب الهبوط قبل أسبوع واحد من نهاية الدوري، أي أنه حقق ما كان يبتغيه: ألّا يضطر للعب على البقاء في الدرجة الأولى ضد ريال مدريد. كانت خسارة تينيريفي أمام متصدر الدوري متوقعة، ومنطقية، ولا أضرار كبيرة لها على الفريق المضيف.


بدأت المباراة بهدفين لريال مدريد، وحين بدا للجميع أن برشلونة، رغم فوزه على ريال سوثيداد بهدف وحيد، ليس عليه إلا أن يستسلم للمنطق، حصلت إحدى هذه المفاجآت التي تصنع سحر كرة القدم: ثلاثة أهداف متتالية لتينيريفي! برشلونة بطلاً لدوري ١٩٩١-١٩٩٢.


بالكاد كان ريال مدريد قد استفاق من صدمته حين ظهر جدول مباريات العام التالي: مجدداً، على ريال مدريد أن يلعب مباراته الأخيرة في تينيريفي. لا، لن تتكرر النكبة مرتين.


لكنها تكررت...


وصل ريال مدريد -بقيادة المدرب الإسباني بينيتو فلورو- إلى المباراة الأخيرة متصدراً، كالعام السابق، بفارق نقطة عن برشلونة. أنجز الأخير واجباته بتغلبه على أتليتيك بلباو بهدفين مقابل لا شيء، والتصقت آذان مشجعي برشلونة بالترانزيستورات. هل يفعلها تينيريفي مجدداً؟ وضعه أفضل هذا العام، فقد حقق أفضل موقع تاريخي له على اللائحة، حيث يتربع على المرتبة الخامسة، ومتأهلٌ للعب كأس الاتحاد الأوروبي العام التالي. وفعلاً، حصلت المعجزة -الكارثة مرة أخرى، وسحق تينيريفي ريال مدريد بهدفين مقابل لا شيء، واحتفلت شوارع برشلونة طوال أيام بدوري جديد لجيل يوهان كرويف، في نفس العام الذي سيُعقد فيه الأولمبياد في المدينة.


بالدانو، الشيطان الأكبر للفريق الأبيض، سينتقل لتدريب ريال مدريد في دوري ١٩٩٤-١٩٩٥، محققاً بطولة للفريق، ومكتشفاً أحد أهم لاعبي التاريخ الحديث للمدريديين: راؤول بلانكو. أيضاً، سيجلب معه مايكل لاودروب، أفضل لاعبي تاريخ الدانمارك.


لمفارقةٍ من تلك التي لا تحصل إلا في الفوتبول، سنسمع يوم السبت المقبل تكرار اسم أحد اللاعبين الذين بكوا على أرض ملعب تينيريفي طويلاً بعد خسارة ريال مدريد للدوري: لويس إنريكي، مدرب برشلونة الحالي.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +