عن هزائم داعش في سوريا

عن هزائم داعش في سوريا

يتسارعُ سقوط مناطقَ بيد قوات سوريا الديمقراطية، بدءاً من بلدة الهول؛ وليس انتهاءاً بسد تشرين الإستراتيجي بريف حلب. تُهزم داعش سريعاً دون ضجيج يذكر، ودون «طبلة فيسبوكية» أيضاً، ما السر في ذلك؟ وكيف يستطيع جيش سوريا الديمقراطية هزيمة التنظيم، في أيام، وأحياناً في ساعات قليلة؟!


قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكاً وروسياً لمحاربة داعش الإرهابية، هكذا يقول مقربون من القوات، لكن ما هي الإستراتيجية التي تتبعها هذه القوات في محاربة داعش، في حلب والرقة والحسكة. فليعطونا درساً واحداً في القتال، لنحرر أرضاً من محتليها.


سقطت تل أبيض بيد وحدات حماية الشعب، وقواتٍ من الجيش السوري الحر، في معركة غامضة، سقط قتلى وجرحى من الطرفين. تلتها بلدة الهول الإستراتيجة في ريف الحسكة، والتي أيضاً سقطت بصمت، وخرجت داعش بصمتٍ مماثل. لم تخرج صور أو فيديوهات للمعركة، بل اقتصر الأمر على مشاهدَ للقوات التي سيطرت على البلدة.


سقطت تل أبيض الإستراتيجية، والتي تعد الشريان الأساس لدى تنظيم الدولة، خلال أيام معدودة وبغطاء جوي من التحالف الدولي، وسرعان ما خسر التنظيم المدينة وريفها، وبات عاجزاً عن استرجاع، مدينةٍ تمثل شرياناً له.


جميع تلك المعارك كانت بدعم من التحالف الدولي، فلماذا لا يدعم التحالف قوات الجيش السوري الحر المنتشرة على الأرض في شمال حلب، لصدّ تنظيم داعش وتحرير الأراضي التي يسيطر عليها؟ أم أن الحرب في سوريا باتت «خيار وفقوس»؟ أم أن سوريا الديمقراطية هي الجيش المنتظر، وأن الجيش الحر ميليشيات متطرفة.


في الآونة الأخيرة سيطرت قوات سوريا الديمقراطية على سدّ تشرين وعدد من القرى في محيطه، أيضاً في معركة أشبه إلى الخيال انسحب التنظيم إلى الرقة، تاركاً حصاراً مطبقاً على عناصره في كلٍ من منبج وجرابلس. والسؤال هنا، كيف تخلى التنظيم عن السدّ الذي يعدّ الطريق الوحيد نحو شمال حلب، وكيف سيطرت الديمقراطية عليه، وماهي تبعيات السيطرة؟


لعل البعض قد يفسر سيطرة القوات على السدّ بأنه ما كان يتمّ لولا التحالف الدولي وغاراته على المنطقة، وقد يفسر البعض أن ذلك يعود للقوة والعناصر التي ساعدت القوات على السيطرة. كلّ الاحتملات واردة، لكن ما ليس وارداً أبداً أن التحالف هو المحرّك لسقوط الأراضي بيد القوات ودحر داعش، والمتمعن في الحرب التي يخوضها التنظيم في مناطق متفرقة من العراق، يكشف زيف ما يحدث في سوريا، فمدينة الرمادي التي بسط التنظيم سيطرته عليها قبل فترة، سقطت بيد القوات العراقية وميليشياتها بعد أشهرٍ من المعارك المستمرة، وبإدارة أمريكية مباشرة لتقدم القوات العراقية، وبمئات الغارات الأمريكية حصراً على المدينة. خرجت الرمادي من يد داعش، إذن تبريرُ سقوط مناطقَ في سوريا بيد داعش ليس مساندةَ التحالف الدولي، وإنما يعود إلى سرٍّ دولي–محلي، في حرب داعش في سوريا.


الجيش الحر هو الآخر يعيش معركة صعبة وطويلة ضد التنظيم في شمال حلب، يحرر قريةً ويخسر أخرى، رغم القصف الجوي الذي يشنّه التحالف على المنطقة، لكنه لم يرقَ لمسألة تحرير أراضٍ، إنما هو دغدغة للمشاعر فقط.


غرفة عمليات حلب، التي شنّت عشرات المعارك ضد التنظيم في حلب، لم تستطع استرجاع منطقة مساحتها كيلومترات صغيرة، رغم القوة التي يمتلكها عناصر الغرفة، وبالتزامن مع ذلك، يسقط مطار كويرس ومحيطه بيد النظام بعد معركة صغيرة مع داعش، وباتَ النظام قريباً من قطع طرقٍ استرتيجية بين تادف والباب بريف حلب. ما السرّ الذي تخفيه داعش في محاربة الجيش الحر، ومدى القوة التي تظهرها، وما السرّ في معاركها ضد الأكراد، والنظام؟


ثمانيةُ أشهرٍ من الحرب في دير الزور، حتى احتلها دعاةُ الخلافة، وأيامٌ معدودة خسرَ فيها دعاة الخلافة أنفسهم ممراتهم وطرقهم في سوريا بيدِ قواتٍ مشكلة حديثاً، وأخرى بيد قوات النظام السوري. هل هي الحاجة الدولية وراءَ صُنع داعش وتدمير ثورةٍ قدّم فيها السوريون آلاف، بل مئات الآلاف من الأرواح؟ يبقى اللغز لدى الرباعي المرح، «أوباما، وبوتين، والبغدادي، والأسد»، لكنه لن يبقى طويلاً فالتاريخ يكشف ما بين السطور.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +