أشكال ألوان| كريمة عبّود... رائدة الفوتوغراف

أشكال ألوان| كريمة عبّود... رائدة الفوتوغراف

حتى سنوات قليلة، لم يكن هنالك كثيرٌ من المعلومات والصور لما يعتقد أنها أول مصورة فوتوغراف عربية محترفة، وبالتأكيد أول مصورة فلسطينية المولد، تنحدر من عائلة نزحت إلى الناصرة من لبنان؛ قبل أن يكتشف الباحث الفلسطيني أحمد مروات، مدير أرشيف الناصرة، بالصدفة عام 2007، مجموعة من محفوظاتها وأغلبها موقّع باسم كريمة عبود، مع جامع أنتيكات إسرائيلي بادلها معه بنسخة قديمة من التوراة، وهكذا كانت مبادرةُ أن تظهر لأول مرةٍ مجموعة صور لامرأة احترفت مهنةً لما يزيد عن ربع قرن، كانت حتى سنوات ليست بالبعيدة، حكراً على الرجال.


ظهرت هذه المصورة من خلال مجموعتها التي وصلت إلى ما يزيد عن ألف صورة، مع النيغاتيف والوثائق التي تسلط الضوء على تاريخها وسيرتها التي بدأت من مرج الخيام حيث جذور عائلتها التي هاجرتها إلى شمال فلسطين في منتصف الخمسينيات من القرن التاسع عشر، بحكم العمل التبشيري الكنسي، وهو ما تُشير إليه الوثائق والمذكرات التي تركها جد المصورة ظاهر عبود.


12421445_1065256566851399_536742261_n

بقيت تلك المجموعة النادرة حبيسةً عند الباحث أحمد مروات من الناصرة حتى نشرها عام 2013 في كتابٍ تعاونَ فيه مع القس الدكتور متري الراهب والدكتور عصام نصار، بعنوان (كريمة عبود: رائدة التصوير النسوي في فلسطين) عن دار ديار للنشر في بيت لحم.


ضم الكتاب عدة دراسات منها دراسة د.عصام نصار حول بدايات التصوير المحلي في فلسطين من وحي كريمة عبود بالإنجليزية، وترجمته الى العربية السيدة أليزا أغازريان، بالإضافة إلى مجموعة صور من البومات كريمة عبود التي تُظهِر حرفيةً عاليةً في فهم الصورة، وفي تقديمها بشكل فني عالٍ جداً مقارنة عادة بتجارب الرواد، إلا أن تجربة كريمة تعكس احترافية بمقاييس اليوم في الصورة الفوتوغرافية، وفن البورتريت. صورٌ صافيةٌ وواضحة، التقطتها في رحلاتها وتنقلاتها مع والدها أسعد عبود، الذي كان كثيرَ التنقل بين فلسطين وبلاد الشام، بحكم طبيعة عمله كراعٍ للطائفة اللوثرية. فجاءت صورها أشبه بلوحات خَلَّدت فيها ذاكرة المكان، وخزّنت لحظاتٍ من الزمن الذي يصفه اللاجئون الفلسطينيون بالزمن الجميل.


12825176_1065256556851400_1267392832_n

درست كريمة في مدرسة (Shmidet Girls School) في القدس، وبدأت مغامرتها مع التصوير يوم أهداها والدها، بمناسبة عيد ميلادها عام 1913، آلة تصوير لتبدأ معها هوايتها ومغامرتها، في حين تشيرُ أول صورة مؤرخة لها إلى عام 1919، وهي المرحلة التي بدأت فيها العمل احترافياً، حيث قامت أيضاً بتصوير رحلاتها أثناء دراستها للأدب العربي في الجامعة الأمريكية ببيروت.


يشيرُ الباحثون إلى أن أول مدرسة لتعليم التصوير الضوئي (الشمسي) في المنطقة العربية، أسسها في القدس الأسقف يساي غرابيديان في أواخر خمسينيات القرن التاسع عشر، وصار هذا الأسقف بطريركاً للأرمن في سنة 1865، وعلى يديه تتلمذ أهم المصورين في فلسطين مثل: كيفورك كريكوريان، وخليل رعد أول مصور عربي في فلسطين، لويس الصابونجي، داوود الصابونجي، جورج الصابونجي، وعيسى الصوابيني، حتى جاءت كريمة عبود لتكسر احتكار الرجال للمهنة وتؤسس عام 1930 استوديو احترافي خاص بها في منزلها، وبدأت بالتقاط البورتريه لنساءٍ وأطفال، إضافةً إلى حفلات الأعراس والأماكن العامة في كل من حيفا، والناصرة، وبيت لحم، وطبرية.


12834661_1065256606851395_380241033_n

يشيرُ الباحث أحمد مروات في كتابه المشترك، والذي جمع 4 ألبومات من الصور المذيلة بخاتمها، تضمُ صور خمس مدن فلسطينية، ومجموعة صور عائلية، أنها ولدت عام 1893م في بيت لحم، وتزوجت من فارس طايع من الجنوب اللبناني عام 1931م، وتوفيت عام 1940م ودفنت في مقبرة الكنيسة اللوثرية.


قصدَ جدها عبود مدينة بيت لحم عام 1890م، وعملَ مدرساً في المدرسة الانجليزية وتنقل بين عدة وظائف، وكانت والدتها معلمةً ووالدها واعظاً. ارتبطت عائلتها بمبشرين إنجليز، ونشأت في جوٍ متعدد اللغات والثقافات. تزوجت في عمر 36 عاماً، وأنجبت سمير الذي عاش مع أمه بعد انفصالها عن أبيه، حيث ساعدتها البيئة الفنية والثقافية لعائلتها بالاتصال مع عدد من المصورين الأجانب والعرب المحليين، ومنهم خليل توفيق باسيل ويوسف خليل الياس باسيل وميشيل توفيق باسيل، وعملت ما يقارب الربع قرن، 1915- 1940م، في فن التصوير في بيت لحم، القدس، حيفا، والناصرة.

الوسوم

التعليقات

تابعنا على   +